لا يختلف اثنان, على أن المشهد العراقي حاليا, مشهد معقد, تكتنفه المشاكل من كل مكان, أمن مستباح, وعملية سياسية عرجاء, وشركاء متخاصمون, وحاكم متشبث.
كل ما يحدث في العملية السياسية, هو طبخات سياسية, تحدث خلف الكواليس, تقرر هذه الطبخات, اللحظات الاخيرة الحاسمة, سواء بالمزايدات أم التهديدات أوالتصعيدات.
ابتدأت اول طبخة, قبيل جلسة انتخاب رئيس البرلمان, حيث عقد اجتماع جانبي داخل اروقة مجلس النواب, بين سليم الجبوري من جهة, والمالكي والجعفري والاديب والعلاق من جهة اخرى, ليخرج الجميع لحضور الجلسة, ويتم التصويت على رئيس البرلمان, لمصلحة سليم الجبوري.
تستمر الطبخات, ليتم حسم امر رئاسة الجمهورية, بانتخاب فؤاد معصوم عن التحالف الكردستاني, رئيسا جديدا للبلاد خلفا للرئيس السابق جلال طالباني.
وبعد اكتمال ضلعي قيادة الدولة, واعني رئاسة البرلمان والجمهورية, بقي امام الكتل السياسية اكمال الضلع الثالث, الا وهو رئاسة الوزراء.
رئاسة الوزراء للثمان سنوات السابقة, كانت برئاسة نوري المالكي, ومع سليبات وانتكاسات هذه الثمان سنوات, فان المالكي لازال مصرا على تسنم الولاية الثالثة, ومع رفض كل الكتل السياسية والمرجعية –التي صرحت بعدم التشبث بالمناصب- للولاية الثالثة, الا ان المالكي وائتلافه, لازالا مُصِرِّيْن عليها.
يحاول المالكي بكل الطرق, الوصول للولاية الثالثة, وهو بذلك يستخدم اسلوب "الجزرة والعصا" لبلوغ الهدف, فنراه يُصَعِّد هنا, ويداهن هناك, كما فعل مع كردستان التي هددها, ليعود ويعتذر ويزورها.
قبل بضعة, ايام زار المالكي رئيس البرلمان سليم الجبوري, في مكتبه في البرلمان, ودار في هذه الجلسة, خلف الكواليس امور عديدة, خرج منها البعض للعلن, وما خفي كان اعظم, فالرئيسان صرحا, بانهما قررا تشكيل لجان من البرلمان ومن مجلس الوزراء, لتسهيل اقرار وتشريع القوانين المهمة, وهنا حدث استغفال واضح لرئيس البرلمان, فكيف تُشَكَّل لجنة من حكومة تصريف اعمال, لغرض اقرار القوانين, ألا يعلم سيادة رئيس البرلمان, ان حكومة تصريف الاعمال هي لإدارة شؤون البلاد مؤقتا, وليس لها صلاحية اعداد مشاريع القوانين او تصديقها.
ثم ما المغزى هذه الزيارة, التي جاءت صبيحة اختطاف رئيس مجلس محافظة بغداد علي العضاض, والمنتمي لنفس الكتلة التي ينتمي إليها رئيس البرلمان, أ ليست هي رسالة واضحة, بأننا قادرين على ان نفعل بك كما فعلنا بالعضاض, انها رسالة مبطنة, مفادها ان المالكي يملك اوراق ضغط, يضعها امام سليم الجبوري لكي يرضخ للقبول بالولاية الثالثة.
مقالات اخرى للكاتب