يتسائل المفجوعون بكارثة الموصل من السيد المالكي فيما اذا رأى او سمع او ان كان مشغولا بامور الملك و موضوع الولاية الثالثة الذي نتمنى ان يحسم الاسبوع القادم مع ان الموضوع على مرارته لا يعنينا بشئ من قريب او بعيد.
ابتدائا فانا لست سياسيا بالمرة و ان كانت ماسي البلد و ما عاناه جعلت الجميع في عين العاصفة لكني اسألك سيدي باعتبارك القائد العام للقوات المسلحة, هل جنودك الذين خذلهم قادتهم قد وصلتك اخبار مأساتهم مع يقيننا انك مشغول بامور اخرى؟ فهل نقلوا لك او صوروا لك ما تناقلته و اظهرته المواقع الالكترونية و ما نقلته المحطات الفضائية المختلفة كقناة الميادين مثلا؟ ثم اريد ان اسالك عن شعورك الشخصي و هل تاثرت بالمناظر المفجعة و ما هو موقفك؟ و ماذا ستتصرف لو كان لك ابن معهم او قريب او ابن حبيب و ما هو رد فعلك بالفاجعة؟ لكن مهلا فقد لا تظهر ذلك حتى لا يقال عنك بانك ضعيف القلب لا تتحمل هول الصدمة و لا تهتز لضخامة الفاجعة و لربما بعد عام او اكثر و عندما تهدأ الامور و انك استطعت الفوز بالولاية الثالثة لا سامح الله فسوف تجلب امهاتهم او زوجاتهم او اطفالهم و ستظهر المظهر امام التفاز كما جرى لاهل المقابر الجماعية الذي وضفتموه سياسيا فتقدم لهم التعازي المملة مع بعض من المال الذي هو ليس ملكك الشخصي و لا ارثا لاسرتك.
ما حدث يا سيدي هو اعصار قاتل بحق و فاجعة العصر كون ما جرى في محافظة نينوى و مدينة الموصل و لنتجاوز محن تفجير مراقد الانبياء و الجوامع و دور العبادة و حرق الكنائس و تدمير الاثار و محو كل ذاكرة بصورة ممنهجة و تهجير الاقليات و افراغ الموصل بالكامل من الاخوة المسيحيين و اجبار النساء بعدم الخروج الا مع محرم و تعميم الزي الاسود و اجبار الرجال على تغيير زيهم و اجبار الاسر على تزويج بناتهم الى المجرمين المتخلفين من الدواعش.
لكننا اصبنا بصدمة كبرى و ذهول عظيم و الم شديد لا يصدقه عقل بشر و كانه و الله لحدث لا يصدق فقد رأيت بعيني كيف تقطع الرؤوس و الايدي و يتم تعليقها بالشوارع لكن ما هو اشد و اقسى و يفوق كل وصف هو ان يتم تجميع الشباب من اعمار تتراوع ما بين عشرين الى خمسة و عشرين عاما و اعتقد جازما انهم من جنود جيشنا الباسل المغدورين و بالمئات و تم حملهم بشاحنات ذهبت بهم الى وسط الصحراء القاحلة و تم قتلهم بصورة بشعة لا تصدق كما شاهدنا منظر اخر امر و اقسى حيث تم نقل المئات الى جروف نهر دجلة و تم نقل كل واحد منهم بطلقة واحدة و رمي جثته في النهر دون ان يرف لهم جفن.
استحلفك بالله يا مالكي, هل شاهدت هذه المناظر المؤلمة؟ و ان كنت قد شاهدتها فما هو شعورك اذا؟ و هل شاهدها معك الجعفري او الشهرستاني او الخزاعي او العامري؟ وان شاهدوا تلك المناظر فماذا قالوا؟ هل اقترحوا يوما تنكس به الاعلام و تعطل به الدوائر كتعبير عن الحزن؟ او هل هزتهم المناظر ام ان لهم قلوب من حجر كما انت؟
كنا نتصور انك ستنقذ البلد لكنك فشلت حتى في اعادة حقوقنا حيث كنا معك نعارض نظام صدام لكن تجربة الاكثر من عقد من السنين جعلتنا نترحم على ذلك النظام, فنحن صحيح قد عارضناه لكنه لم يدمر حياتنا و لم يشتت اهلنا او يفجع اقاربنا كما هي صورهم ظاهرة الان على شاشات التلفاز و المواقع الالكترونية.
وددت ان لا اكتب لاني انتظر ما توقعته في كتاباتي السابقة من انكم سوف لن تستوزروا للمرة الثالثة حتى لو انتخبكم الشعب كله و كنت بهذا متاكد نظرا لتجربتي المتواضعة خلال خمسة عقود مضت لكن فقد استوقفني قرار مجلس النواب الامريكي في طلب ملاحقة اوباما قضائيا لتجاوزه حدود السلطة و وضعه الديمقراطية في خانة المناورات الانتخابية كما اصبت بحيرة من امري في امر اخر وددت ان اسالك فيه فهل تفسر لي سيادتك عن اسباب تراجع كولدن براون في بريطانيا و كذلك صوفيا غاندي في الهند مع حصولها على اكثر من مليون صوت ناخب, و هذا مجرد استفسار, فهل سمعته او قرأته او نقل لك؟ فلا تتصور ان الناس مشغولة بهمومها القاسية بالبحث عن احبائها الذين اختفوا و لم يعودوا فالناس يا سيدي تقرأ الممحي كما يقال لكن حسناً فلا تستغرب ان طالبت الجماهير باصدار قرار بمحاسبتك على بشاعة ما حدث باعتبارك القائد العام للقوات المسلحة.
لا يسعني الا ان ارثيك سيدي و لا يعنيني ان كنت ستتولى الوزارة للمرة الثالثة او حتى العاشرة لكن اود مخاطبة بعض حلفائك في دولة القانون كون الموضوع لا يرتبط بالديمقراطية او يتعلق بعدد النواب فانت و حلفائك الاكثر عددا و لا نود الدخول في سجال عقيم و كل يفسر الحال بما يشتهي لتدعيم حججه. غير ان المطلوب الان حكومة متوازنة و متجانسة تضم مكونات البلد و متماسكة تواجة المخاطر التي يمر بها البلد و تعالج مشكلاته بحرص و تكاشف الشعب بالحقائق مهما كانت مؤلمة, حكومة مكونة من عناصر كفوئة و متخصصة كما نطمح ان نرى جيشا كالاسود مستعدون للتضحية لا يقودهم جرابيع (عجزة) لا يعرفون ما يدور في البلد و اذا عرفوا لا يفهمون و ماذا سيتصرفون فهؤولاء الضحايا الفتية الذين شاهدهم الملايين كان يقودهم مع الاسف قادة (اشبة بالعجزة) منتهين الصلاحية و لم يخوضوا حرباً فعلية و اذا خاضوها انهزموا لمجرد اشاعة و تركوا ابنائنا لقدرهم كما حدث في مأساة مجازر الموصل.
استحلفك بالله من سيعيد لنا ابنائنا؟ و هل سنرى من سيتحمل عبء المهمة في الاسبوع القادم و دون منغصات ليتعهد بعودة المهجرين الى ديارهم و يأخذ بحق الارامل و اليتامى الجدد من هؤولاء المجرمين الارهابيين الذين عاثوا بالبلد فساداً.. و سنرى.
مقالات اخرى للكاتب