الجلسة الثانية للمحكمة افتتحها القاضي بإيضاحات و ملاحظات.
مما قاله القاضي:-
المحكمة ليست تابعة الى اي كتلة سياسية او قائمة انتخابية، فالطبقة السياسية القائمة فعلاً بكاملها ملوثة بالفساد بشكل أو بآخر، ومسؤولة عنه بدرجة أو أخرى، وكل قادتها متهمون ومطالبون بإثبات براءتهم أمام الرأي العام من خلال الحضور امام هذه المحكمة او اية محكمة شعبية في المحافظات.
وأن اعتبار الطبقة السياسية كلها متهمة، لا ينافي القواعد القانونية، ولا الاصول الاخلاقية، فنحن أمام جريمة كبرة هي: سرقة الثروة الوطنية لشعب كامل خلال اكثر من اثني عشر عاماً، وهذه السرقة تمت خلال تولي الطبقة السياسية مقاليد الحكم ومفاصل الدولة، ولم يكن من الممكن ان تتم هذه الجريمة بدون علم، أو مشاركة، أو تسهيل، أو تستـّرعن عمد، أو سكوت افراد الطبقة السياسية. فمن الطبيعي ان يَعتبر القضاءُ جميعَ من تدور حوله شكوك المشاركة في السرقة - بأي درجة من درجاته- متهماً يجب استدعاؤه للتحقيق معه. والشكوك تدور حول أفراد الطبقة السياسية حصراً، وهم الذين عليهم ان يخبرونا اين ذهبت اموال الشعب، فان لم يكونوا هم اللصوص فعليهم ان يدلونا على اللصوص.
ان هيئة المحكمة تعمل بشكل طوعي ولا تتقاضى راتباً ولا تبرعات من أي حزبٍ، أو سفارةٍ،اأ سفارةٍ، أو فضائيةٍ، أو رجل أعمالٍ مغترب (وله فضائية)، او دولة اقليمية.
المحكمة هي الطريق الصحيح والخطوة الاولى لمحاكمة الفاسدين عن طريق كشفهم وادانتهم من خلال محاكمة علنية تضع القضاء الرسمي الفاسد على المحك، وتجبره – تحت ضغط الحراك الشعبي في المظاهرات- على القيام بواجبه في محاكمتهم وتضيّق عليه فرص تبرئتهم تحت ضغط السياسيين واغراءات الراشين.
ان المحكمة هي بنت الحراك الشعبي ورضيعتها التي لا يمكن فطامها من أمّها، وانها تمارس عملها بكل شفافية، وان كل جلساتها علنية، ويحق لأي انسان حضورها للتحقق من عدالة اجراءاتها، وأن المحكمة تضع كل وثائقها وملفاتها تحت تصرف الرأي العام والصحافة والفضائيات.
ان المحكمة ترى ان حل مؤسسات الدولة من حكومة وبرلمان وقضاء هو مؤامرة خبيثة يراد منها اشاعة جو من الفوضى وتوفير فرصة هروب الفاسدين الحاليين، ويهيئ فرصة مجيء فاسدين جدد يملكون فضائيات واجندات الجحيم العربي.
ان هيئة المحكمة مفتوحة لكل من يود الالتحاق بها من رجال القانون الذين يؤمنون بسلمية الحراك، ويتمتعون بنظافة التاريخ وطهارة اليد، بشرط أن يجتازوا اختبار ذكاء اعدّته المحكمة.
عند هذه النقطة سرت همهمة تحولت الى ابتسامات واستغراب، فلم يسبق لمحكمة ان وضعت اختبار ذكاء لطالب وظيفة... وبدأت الهمهمة تتحول الى ضوضاء قطعتها مطرقة القاضي الذي قال:
نعم، لقد وضعنا استمارة اختبار ذكاء.. والسبب هو اننا نريد ان نحاكم الفاسدين دون ان تتوفر لدينا اعترافاتهم الصريحة بسرقاتهم، ودون ان يتكرم علينا احد المسؤولين بوضع وثائق الفساد (التي يخفيها منذ سنوات) تحت تصرفنا، ودون ان يملك الاخرون وثائق تـُظهر لنا كيف ضاعت ميزانية بمئات مليارات الدولارات ولم تترك أي أثر مما جعلهم حائرين امام مهارة سارقي هذه الثروة الفلكية...يتملكهم العجب من مهارة اللصوص، وتعصف بهم الحيرة من براعتهم، ويغرقون في الحزن لعدم قدرتهم على اكتشافهم، ويعصرهم الالم لعجزهم عن فعل شيء لصالح الشعب المسروق.
واضاف القاضي:
هؤلاء المسؤولون ان لم يكونوا شركاء في السرقة فهم اغبياء.... ولا يوجد تفسير ثالث.
وبالنسبة لنا - كمحكمة شعبية- فنحن ننظر في جريمة بهذا الحجم، وسرقة بهذا المقدار... كيف يمكن اثباتها وكشف مرتكبيها بدون وثائق؟ لابد من استعمال الذكاء للوصول الى الحقائق. الانسان الذكي- خلافاً للغبي- يستخدم ذكاءه لمعرفة الخبايا والاسرار، ولأن المسؤولين في الحكومة والبرلمان والقضاء كانوا شرفاء ولم يشاركوا في الفساد حزب زعمهم، فلابد ان يكونوا اغبياء لم يعرفوا كيف سرقت هذه المليارات بوجودهم دون ان يعلموا.
لذلك فنحن بحاجة الى قضاة اذكياء يكتشفون هذه السرقات ويتعرفون على اللصوص ويثبتون تورطهم دون ان تكون هناك اعترافات أو شهود عيان او وثائق تثبت جريمتهم.
بعد ذلك اخرج القاضي ورقة دفعها الى كاتب المحكمة طالبا منه تصويرها لتوزيعها على الراغبين في التطوع للالتحاق بهيئة المحكمة.
امتدت الاعناق لترى هذه الورقة التي تكشف الاذكياء وتفضح الاغبياء...ماذا عساها تكون؟
ولم يطل انتظارهم فقد قال القاضي:
هذه الورقة هي وثيقة واحدة من عشرات الوثائق التي قدمتها ام عبد الله الى المحكمة حول اختطاف ابنها من قبل ضابط رفيع المستوى في وزارة الدفاع لازال يمارس عمله بالرغم من تورطه في اختطاف ابنها الوحيد.
الورقة فيها معلومات عجز عن فهمها الاغبياء من وزراء دفاع ووزراء داخلية ومسؤولين كبار في رئاسة الوزراء وبرلمانيون ومسؤولون امنيون ومستشارون لرئيس وزراء لمدة ثمان سنوات...كما عجز عن فهمها قضاة كبار في محاكم متنوعة .
كل خريج قانون يثبت انه يتمتع بمستوى ذكاء اعلى من اولئك المسؤولين الكبار (من رئيس الوزراء فما دون) فيكتشف من هذه الوثيقة من هو الخاطف؟ وكيف نفذ جريمته؟ ومن تستر عليه؟ واين اخفى المخطوف؟ فسوف نقبله عضواً في هيئة المحكمة.
ترفع الجلسة.
وغادر القاضي المنصة بينما انشغل كاتب المحكمة بتوزيع اختبار الذكاء المرفقة صورتها في هذا المنشور.
للقصة بقية..
مقالات اخرى للكاتب