عدد ساعات النوم تختلف من شخص لآخر، البعض لا تكفيه ثمان او تسع ساعات فيما يكتفي اخر بست ساعات او اقل، ولنوم الليل ميزة عن نوم النهار فيقول الله عز وجل في كتابه الكريم.. بسم الله الرحمن الرحيم "وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ سباتا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا"، وقوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا"، اي جعل الله سبحانه وتعالى لنا الليل للاسترخاء والنوم والراحة، وجعل النهار للسعي وطلب الرزق والعمل، يلحظ هذا من أمضى ليلة - لظرف طارئ او سفر- يقضا حتى الصباح، سيشعر حتما بالصداع و الدوار وفقدان الاتزان، ولو حاول نهار اليوم التالي تعويضها سيجد ان نوم النهار لا يمنحنه راحة واستقرار نوم الليل، لكن البعض يقلب هذه المعادلة مضطرا لأسباب كثيرة اهمها العمل، مثل واجبات منتسبي الداخلية والدفاع ،اضافة لمنتسبي الصحة والكهرباء وغيرهم ، يسهرون لراحتنا و سعادتنا يتناوبون على أعمالهم وفق جداول خفارتهم ، وبرغم صعوبة عملهم الا انه اهون بكثير من عمل الرجل الذي يدير لوحدة معمل صناعة (بلوك البناء) في قرية العوجة في قضاء ابي الخصيب، أشاهده وانا امر متجها للمراب قاصدا السفر لبغداد في ساعات متأخرة من الليل، تارة يخلط الرمل والحصى والاسمنت وتارة يقوم بكبس ( البلوك ) بالماكنة اليدوية، عمله هذا لا يمكن ان ينجزه تحت اشعة حرارة الشمس الحارقة لصيف البصرة ولهيب سموم هوائها الساخن، يصدر صوتا مجلجلا (ها) يعلو صوت شخير النائمين عند كل ضربة لماكنة الخلط وكانه يخاطب عضلاته المفتولة عبارة" لا تكلي ولا تجزعي" وان الليل يصير نهارا بإرادتي وعزيمي، صوت أخافه أحيانا كخوفي من زئير الاسود.
التقيته مرة في أحد مقهي أبي الخصيب وحين صافحت يده الخشنة أحببتها فهي من الايدي التي يحبها الله ورسوله ، حمرة عينية عرت كسلي وتقهقري عن العمل أحيانا، جلست بجانبه في المقعد الخارجي للمقهى كي اتحدث معه وانصت لما يقول، كان صوت التلفاز عاليا، يبث لحظتها وقائع أحدى جلسات القمة العربية وجميع من في الداخل له مشاهدين ومنصتين، قلت له : انا معجب بإرادتك وصبرك فالبعض لا يكفيهم نوم الليل وينامون على مقاعد عملهم، أي ينامون الليل والنهار، فقال: هو الترف يا اخي يولد الكسل والتراخي، ناهيك عن الترهل البدني، وما ان اكمل عباراته حتى سمعنا ضحكا جماعيا في المقهى وهم يصيحون ذاك المسؤول ينام أثناء انعقاد القمة، التفت صاحبي نحو التلفاز قبلي ومن بعده التفت، لم اشاهد ما اضحك الجالسين، ولكني تأكد من صدق ما قالوه، فقد لطم صاحبي جبهته وظل يردد عبارة "حسبنا الله ونعم الوكيل"، وتركني وذهب ونسي حتى أن يودعني من هول صدمته.
مقالات اخرى للكاتب