بعد ثلاثين شهرا بالتمام والكمال على شغور المنصب الرئاسي في قصر بعبدا بلبنان ، وفشل مجلس النواب في إنتخاب رئيس للبنان على مدى 35 جلسة إنتخابية ، وكان السبب واضحا وهو أن مفتاح قصر بعبدا ليس بيد اللبنانيين ، بل يتقاسمه حتى آخر جلسة إنتخاب فاشلة كل من العربية السعودية وإيران، وهذا مبعث تعثر إكتمال النصاب وإنتخاب رئيس للبنان، ولذلك فإن ما جرى كان توافقا سعوديا -إيرانيا بالدرجة الأولى.
بالأمس ودون مقدمات أعلن أن الطريق لإنتخاب رئيس للبنان باتت سالكة وتم تحديد الجنرال عون رئيسا للبنان ،على أن تعقد جلسة الإنتخاب يوم الإثنين الماضي ، وهكذا كان ، إذ إكتمل النصاب وجرى إنتخاب الجنرال عون رئيسا للبنان ، رغم معارضة البعض الذين حاولوا التشويش على أجواء الجنرال عون الرئاسية مثل القول أن الرجل يبلغ من العمر 81 عاما .
ليس هذا ما يهمني في الحديث عن حقبة الجنرال عون ، فجل ما يهمني هو :هل ستمسح مستدمرة إسرائيل الخزرية لصديقها القديم الجنرال عون الذي تحالف مع حزب الله وحصل على ثقة السيد حسن نصر الله نفسه ، وحصل مؤخرا على دعم حاسم من زعيم تيار حزب المستقبل السيد سعد الحريري، بأن يهنأ في حقبة رئاسته ويستمر تحالفه مع حزب الله؟
لن تسمح مستدمرة إسرائيل الخزرية للجنرال عون بذلك ودليلنا أن صانع القرار في مستدمرة إسرائيل أوعز لمراسل القناة الثانية للشؤون العربية في التلفاز الإسرائيلي /المحلل السياسي إيهود إيعاري لكتابة مقال أصدق وصف له بأنه " السم في الدسم"، جاء فيه ان الجنرال عون كان صديقا قديما لمستدمرة إسرائيل،لكنه تحول مؤخرا إلى رجل تحت حماية السيد حسن نصر الله ، وأعرب إيعاري عن أمله أن مزاج الجنرال العاصف والمتقلب سيترك نصر الله نادما على تأييده ودعمه له؟؟!!
ولم يتوقف المحلل الإسرائيلي عند هذا الحد ،بل تابع وضع السم في الدسم ، وقال أن الجنرال يملك بذرة من جنون العظمة ، وهو محاط بحاشية غارقة بالفساد مسميا صهره وزير الداخلية السيد جبران باسيل بالإسم ،ووصفه بانه العدو المر للسوريين ويمقت منظمة التحرير الفلسطينية .
وقال إيعاري أنه كان يزور الجنرال في منفاه بالقرية الفرنسية التي كان محتجزا فيها بشروط فرنسية ،وأن الجنرال عون كان يتحدث أمامه عن خططه لترميم لبنان بقيادة مسيحية ، وأنه يتعاون علنا مع إسرائيل، وأنه أي إيعاري كان ينقل تلك الملاحظات للمعنيين في مستدمرة إسرائيل.
يغوص المحلل الإسرائيلي كثيرا في ملف الجنرال عون ويقول ان عودته منتصرا إلى لبنان جعلته يفكر جادا بكرسي الرئاسة ، ولذلك تحالف مع حزب الله لثقته التامة أن السيد حسن نصر الله يمتلك مفتاح قصر بعبدا ،كما أنه آمن بأن المسيحيين في الشرق لن يصمدوا إلا بدعم شيعي –إيراني، وحصل بعد ذلك على دعم خصمه الكبير/الشريك القديم لمستدمرة إسرائيل سمير جعجع ،ثم على مباركة المعسكر السني يقيادة السيد سعد الحريري، وضمن له عودته لمنصب رئاسة الوزارء.
هنا يبتعد المحلل السياسي الإسرائيلي إيعاري عن التكهن والتحليل ،ويغرف من بئر المعلومات الإستخبارية، ويقول مفسرا سر دعم الحريري للجنرال عون بقوله أن العربية السعودية رفعت يدها عن سعد الحريري وتوقفت عن دعمه ، ما خلق له أزمة مالية خانقة ،وهذا ما جعله يسعى مجددا للعودة إلى خزينة الدولة ، كما يقول المحلل الإسرائيلي أن الجنرال عون بات يحظى بدعم الشيعة والسنة والمسيحيين معا في لبنان.
وضع السم في الدسم حرفة إسرائيلية بإمتياز ، ويتجلى ذلك مجددا بقول إيعاري أنه يأمل أن يتخلص عون من قيود نصر الله ،وأنه يتوقع ألا يقبل الجنرال بالظهور بمظهر المنفذ لأوامر السيد حسن نصر الله ،علما أنه قال آنفا أن السيد حسن نصر الله سيندم على دعمه وتأييده للجنرال عون صاحب المزاج المتقلب على حد قوله .
نعود للإجابة على السؤال الكنز وهو هل ستسمح مستدمرة إسرائيل الخزرية للجنرال عون بأن يهنأ برئاسة لبنان؟ والجواب هو أن روح الإنتقام ستنهض من جديد عند صناع القرار الإسرائيلي ، وربما أن المعنيين يواصلون الليل بالنهار لوضع وتجديد الخطط الجهنمية للتخريب في لبنان ، من خلا نهوض الخلايا الموسادية النائمة في لبنان من كل الطوائف ، والبدء بموجة تفجيرات لن تتوقف في كافة أرجاء لبنان ، وسيكون هناك موجة إغتيالات ربما تستهدف رؤوسا كبيرة ، بهدف الإنتقام من الجنرال عون الذي تخلى عن صداقته مع مستدمرة إسرائيل وعقد تحالفا مع حزب الله وحزب المستقبل.
مقالات اخرى للكاتب