أصبح بما لا يقبل الشك إن بعض السياسيين يريدون السوء بالشعب العراقي، بقصد أو بغير قصد، فيغالون في مطالبهم الغير معقولة التي لا تستند الى حق أو منطق ولا الى شرع أو دين . علماً أن بعضهم مسيرون بأجندات خارجية من الدول التي كانوا يزورونها قبل الانتخابات وبعدها، ويستلمون منها التعليمات والهدايا والمكارم، وهدفهم تخريب العملية السياسية وافشال الديمقراطية التي تمثل كابوساً على عقول حكام دول الجوار ليقولوا لشعوبهم : انظروا الى تجربة العراق الديمقراطية تعني الفوضى والشقاق والتسيب والقتل والدمار . بعض السياسيين العراقيين لا يتوانى عن القول أنه مكلف شرعياً من قبل الاله ليمثل الشعب العراقي في الدنيا والاخرة . شخصيا بت أخشى أن يقول لنا أن جبريل قد هبط عليه وطلب منه بذلك ، الى أن تذكرت أن الوحي الذي انقطع منذ أربعة عشر قرناً ولم يعد يوحي لأحد .
أن من أسوأ نتائج ممارسات الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية ، ضد بعضها البعض عموما ، وضد الشعب خصوصاً ، هي دفعها المواطن الى فقدان الثقة بكل السياسيين ، بل وبالعملية السياسية برمتها ، وعلى رغم أن بعض أخطاء ساستنا لا يمكن السكوت عنها ، وفضائح الفساد الموثق التي فاقت حدود الصبر ، وطائفيتهم المقيتة ، إلا أن البديل عن تلك العملية السياسية على عيوبها ، لن يخرج عن ديكتاتورية ستخلق صداماً جديداً ، عاجلاً أو آجلا ً، ولو بثوب إسلامي فضفاض صنع من بقايا قماش ولاية الفقيه .
مشكلة سياسيينا أنهم لا ينظرون بعيداً ولا يهمهم شيء سوى مصالحهم وطموحاتهم الشخصية والحزبية والفئوية. لا يفكرون بمصالح البلاد والعباد إلا عندما يكونون في السلطة، وحينئذ يسعون من أجلها من أجل تعزيز سلطتهم وتوسيع نفوذهم وزيادة أتباعهم. والغريب أنهم يلجأون إلى الإسلام لتبرير أفعالهم في بلد تتلاشى فيه الشعارات المرفوعة أمام الطموحات الشخصية والفئوية في أول اختبار . إن التصدي لإدارة مصالح الناس مسؤولية كبرى ، والصبيانية السياسية التي نراها تمارس في العراق اليوم سوف تحرق الأخضر واليابس وتعيد الجميع إلى نقطة الصفر، والمطلوب من الجميع صحوة كاملة وتغيير جذري في السياسات والأشخاص ، لكن ذلك لن يحصل أبدا في ضل الثقافة السائدة التي لا تسمح به ولا تشجع عليه أبدا . ثقافة تعتبر المساومة والتنازل وفسح المجال للخصم قيماً سلبية ، بينما ترى في المواجهة والإصرار على المواقف وإلحاق الهزيمة بالآخر بطولات عظيمة ، وهي بالنتيجة تخدم مصالحهم الشخصية بعيدا عن مصلحة الوطن والمواطن والتي طالما تبجحوا بها في تصريحاتهم الرنانة امام عدسات الكاميرات في اللقاءات التلفزيونية .
أن صبيانية بعض السياسيين العراقيين وصل الى حد التعري أمام شاشات الهواتف النقالة وأجهزة الحاسوب عبر برامج الاتصال المتنوعة ، ليمارسوا فسادهم الأخلاقي علاوة على فسادهم الخلقي ، حيث كان أول من تسرب له مقطع فيديو وهو يمارس العادة السرية مع فتاة عبر برنامج ( سكايب ) هو النائب طالب المعمار وبعده النائب محمد الكربولي عبر برنامج ( المسنجر ) وأخيراً ختمها عضو مجلس محافظة واسط عريبي الزاملي عبر برنامج سكايب أيضا .
الغريب إن فضيحة كهذه من المفترض أن تطيح بمن انتشرت صورهم عبر البرامج المذكورة الا أن الامر مر بدون أي كلمة تذكر خاصة وان هذا النوع من الفضائح ينهي حياة أي سياسي في أي بلد أخر غير العراق ، وقد شهدنا استقالات كثيرة بسبب تلك الممارسات في عدة دول أخرى كانت اغلبها اخف وطأة من هذه الفضائح .
هذا الوضع الصبياني والغير أخلاقي جاء في وقت حرج جداً للبلد ، وهذا يدل على عدم اكتراث هؤلاء بمصير الشعب والوطن ، فالأمر لا يتعدى مصالحهم الشخصية .
يبدو أن نزع السياسيين العراقيين لملابسهم الداخلية من خلال برامج الاتصال يتم لتعرية كل شيء فيهم ، الإ ملفات فسادهم ، فستبقى تلك الملفات مغلقة حتى إشعار أخر .
مقالات اخرى للكاتب