تعتبر الموصل وحلب ثاني أكبر مدنيتين في العراق وسورية. احتل الإرهابيون كلتا المدينتين وفي كلتا الحالتين تسعى القوات الحكومية لتحريرها. لكن في حلب تبذل الولايات المتحدة وحلفاؤها بكل الجهود الممكنة لوقف تقدم الجيش السوري على مواقع "جبهة النصرة". أما بالنسبة الموصل فقدمت وسائل الإعلام الغربية الهجوم على هذه المدينة كأنه عملية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بهدف تحرير المدينة من إرهابيي داعش.
في الواقع تشتبه مشاركة الجيش الأمريكي في تحرير الموصل بخدعة إعلامية للبنتاغون. وقد وصفت وسائل الإعلام الغربية الرائدة هذه الأعمال الحربية بأنها العملية الأمريكية تماما وليست العراقية. في الحقيقة وحدات الجيش الأمريكي انضمت إلى هجوم الجيش العراقي وحلفائها الأكراد والشيعة فقط. ولا يتعلق التحالف الدولي بمكافحة الإرهاب الحقيقية في العراق فحسب بل أيضا في سورية.
وفي الوقت نفسه تعتقد وزارة الخارجية الأمريكية أنه يوجد هناك فرق كبير بين عملية التحالف الدولي ضد داعش في الموصل العراقية والعملية ضد "جبهة النصرة" في حلب السورية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي أن الأمريكيون مهتمون كثيرا بمصير المدنيين. وفي الوقت نفسه اتهم كيربي دمشق بأن في حلب يتم تكبيد الخسائر لمقاتلي المعارضة "المعتدلة" والمدنيين فقط وليس لإرهابيين.
في نفس الوقت معبرةً عن اهتمامها المزعوم بمصير المدنيين تستخدم الولايات المتحدة طائرات القاذفة الاستراتيجية بعيدة المدى "B-52H" في ما يسمي بعملية تحرير الموصل وتشارك في إسقاط القنابل على المناطق السكنية في المدينة. وتؤدي هذه الضربات العشوائية للتحالف الدولي إلى عدد كبير الضحايا المدنيين.
ومن الجدير بالذكر أن طائرات التحالف الدولي كانت تنفذ الضربات الجوية "الخاطئة" بصورة متكررة على حد سواء في سورية والعراق وأفغانستان. منذ بداية عملية تحرير الموصل ارتكبت طائرات التحالف مثل هذه الأخطاء مرتين على الأقل. قصفت طائرات التحالف21 أكتوبر 2016 مدينة داقوق حيث تعرض لهجومها موكب الجنازة وتم سقوط عشرات قتلى بين المدنيين بدلا من الإرهابيين. نفذت القوات الجوية الأمريكية 24 أكتوبر 2016 الضربات بالقنابل والصواريخ على مبنى المدرسة في بلدة تلكيف14 كلم شمالي الموصل. وأصبحت نتيجة للغارات الجوية عشرات القتلى والجرحى.
وبالتالي يصبح من الواضح أن الولايات المتحدة غير مبالية لمصير مدنيين حلب والموصل. فإنها تحتاج إلى صورة النصر في الشرق الأوسط من أجل تبرير السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي سيترك منصبه قريبا.
مقالات اخرى للكاتب