اظهرت احصائية اخيرة سمعت بها من احد الاشخاص , ان العراقيين احتلوا المنزلة الاولى في نسبة الذكاء على مستوى الوطن العربي , حينها كدت ان انفجر ضاحكا لهذا النبأ المضحك , ولا اعرف ما هي المعايير التي استخدت لقياس ذكاء العراقيين , أان الاطباء الذين يرتكبون الاخطاء التشخيصية والجراحية يوميا ولا يفصح عنها هم اذكياء ام المهندسون الذين تشهد المشاريع السيئة على غبائهم هم مهندسون مهرة , ام الامنيون وخططهم الجوفاء هم قادة محنكون , ام الموظفون والاداريون ونظامهم الروتيني الفاسد الرتيب هم اكفاء وناجحون , ام المواطن العادي الذي من شدة لمعان ذكائه يلقي بالقاذورات من نافذة سيارته ؟؟ فكيف اذا بالاميين والجاهلين الذين تصل اعدادهم الى اكثر من ستة ملايين مواطن بين ذكر وانثى .
وباعتقادي انه لولا ذكاءنا الثاقب لما قامت الجهة المغمورة صاحبة الاحصائية بالكشف عن هذه المعلومة , اذ توقعت سنفخر بها ونرقص فرحا لها , وتعيننا على التخفيف من معاناة اثار الغباء لدينا التي ندفع في سبيلها يوميا ابهض الاثمان .
ان غبائي يحفزني على وضع طائفة من التساؤلات امام تلك الاحصائية الاستفزازية , من هو اقذر بلد في العالم ؟ من هي افسد دولة في العالم ؟ اي دولة يذبح بها مواطنيها يوميا وبالجملة ؟ اي بلد هو الاخطر عالميا على ممارسي مهنة الاعلام والصحافة ؟ من البلد الذي يعاني اطفاله ونسائه وشيوخه من قساوة العيش والحرمان والتمييز ؟ واكتفي بهذا القدر من الاسئلة وساحتفظ بالباقي في صدري .
هذه الاحصائية تذكرني بظاهرة الابواق البشرية –ان جاز التعبير – فتراهم في كل حين ومناسبة تلعلع السنتهم بمفاتن حضارة سومر واكد وبابل واشور , وحضارتهم الان في الحضيض , نحن الحضارة التي صنعت , وشيدت , وعلمت , ودونت , وقننت , كلها افعال ماضية , والحاضر ينفجر يموت يسرق يهرب , والمستقبل السين وسوف ...
لقد غفل المختصون في الذكاء انه عندنا عقول اشبه بالحواسيب , تمتلك القدرة على القيام بكل العمليات الحسابية من جمع وطرح والقسمة على عشرة ان توفر لها المكان والزمان المناسبين , وهي الحمامات مع سيكارة اجنبية ! او بعد تناول وجبة دسمة في مجلس عزاء او حفل زفاف !
ان شعلة الذكاء العراقي متقدة دوما وابدا وفي كل العصور والازمنة , لكن لشدة ضياؤها احرقت العقول واحالت الفطنة الى (فحمة) ...
اود التنبيه الى ان جميع من تم ذكرهم من اصحاب المهن قصدت منهم الغالب لا الاعم .