العالم يدخل كل يوم في زمن جديد,وان لم يتمكن من ذلك فانه يحافظ قدر الامكان على استمرار حالة الايام الماضية من دون ان يمنع ذلك من مواصلة البحث عن الجديد الذي يقفز بالناس الى مستويات جديدة اخرى من الرخاء والرقي .
لكن الذي يجري في بلدي يسير بعكس اتجاهات الامم الباحثة عن الجديد بعد ان اجبرنا على وضع ادوات الرصد والكشف عن زمن جديد وراء ظهورنا, وتشبثنا بمنهج شيطاني تكتنف جنباته واحشائه النار واللهب , يحرق كل ما خلفه وما امامه اسمه الفساد الذي استشرت نيرانه في اغلب المفاصل الرسمية وغير الرسمية .
يبدو اننا في العراق لم نهتم لكل الاشياء واحترفنا الفساد او ربما احتكرناه لتفويت الفرصة على بقية الامم التي تتجاهل او تدير وجهها لهكذا سلوك مرفوض قد تجاوزته منذ زمن وتركته سلعة بائرة تتاجر بها الدول المتخلفة وهي تقرع على صفيحه بحماس مصحوب باناشيد الالم والانتكاسات المتتالية , والدليل على ذلك اننا ما زلنا نراوح في مكاننا بعد ان توارثت الاجيال واحدا تلو الاخر على مر عصور المعاناة نفسها والحروب ذاتها ، حتى ان كتب التاريخ قد توقفت عن تسجيل الاحداث لانها صارت مكررة ممجوجة ولا جديد فيها .
لابد ان نعرف ان السلوك القديم عادة ما يكون مرتبطا بالانتماء الوطني, من هنا فهو معيار تصنيف المجتمعات سواء اكانت في الدرك الاسفل, ام تقف وسط السلم او تتربع على القمة, واذا كنا نعرف انفسنا باننا في درجات مدنية من سلم التطور علينا البحث في سبل ارتقاء ذلك السلم درجة تلو الاخرى مثلما بدات الامم الاخرى خطوات صعود سلم الرقي ووصلت الى ماهي عليه الان .
وقبل البدء بعملية صعود الدرج لابد من تفحص مدى متانة بنيانه ووضوح عتباته لكي تكون الرؤية سليمة في وضع الخطوة اللاحقة لنتبعها بخطوات اخرى على طريق الصعود الى القمة, وفي هذه الحالة نحتاج الى معرفة ماذا نريد ؟ والى اي مكان نسعى الوصول اليه , فكلنا نطمح الى التغيير, لكن اي تغيير نريد؟ هل تغيير السلطة ام تغيير الواقع؟هل هو تغيير الاشخاص ام تغيير الاحوال؟ .
كل تلك الاشياء التي تصنع التغيير والتي نطمح اليها يمكن اجمالها باعدام قضية واحدة اسمها الفساد والتي يجب ان تبدا في معالجة الرأس ومن ثم التوابع لان تنظيف الفساد مثل تنظيف الدرج يبدا من الاعلى ثم ينزل للاسفل, كما قال لي كوان يوـ اول رئيس وزراء لجمهورية سنغافورة وحكم لمدة ثلاثة عقود ويعد المؤسس الاول سنغافورة الحديثة .
فمتى نبدا بتنظيف الدرج
مقالات اخرى للكاتب