حز في نفسي كثيراً وتألمت لأحد الأخوة السياسيين الذين أحبهم و أتعشم فيهم خيراً كثيراً غضبه مني وأنا أحدثه عن (نظرية الحمار السياسية) وظن أنني اتجهمه لذا قررات أن أكتب هذا المقال في بعض النظريات السياسية قسم منها (مشهور) التي تأخذ أسماء الحيوانات أو سلوكهم
لعل نظرية العصى والجزرة هي الأشهر من بين النظريات السياسية المتداولة على صعيد العامة قبل الخاصة وهي التي تشير الى استخدام العصى والقوة تارة ومع أناس تلائمهم سياسة العنف والإرهاب وفبركة الملفات وهناك من تلوح له بالمغريات والمناصب والأمنيات المستقبلية وفي كلا الحالتين فإن الطرف الأول هو من يمتلك زمام المبادرة والقوة و يهدف إلى قيادة الطرف الثاني بالإغراء أو الإرهاب وهو يمتلك الجزرة ليقدمها لمن يريد ويمتلك العصى والجزرة في نفس الوقت وغيره مجرد منهما .
وهناك نظرية الغزال والأرنب ( تريد أرنب خذ أرنب ؛ أتريد غزال خذ أرنب ) وهي قاعدة للتفاض بين القوي والضعيف ومن يملك القوة ومن هو مغلوب على أمره ومجرد من الحول والقوة ومع هذا فعليه إختيار أسوء الخيارات وترك الخيار الأفضل (بإختياره أيضاً) وهذا خير له من التهديد المبطن إن تمردت وعصيت فلا غزال لك ولا بالأرنب حضيت !
أما (نظرية النعامة) التي تدفن رأسها في الرمال عند مداهمت الخطر لها ظناً منها أنها في مأمن من عدوها الذي يتربص بها الداوئر ليصطادها . وإن السياسي الذي يغفلعن تحديد مقدرة العدو وامكانياته وعدم تقديرها بمقدارها الصحيح قد يعني خطاء جسيناً قد يؤدي بحياة السياسي نفسه .
لكن (نظرية الحمار) للفيلسوف (سكولاستيكي) والذي عاش في القرن الرابع عشر وفيها يقول : لو وضعنا حماراً على مسافه واحده من الماء والعلف وكان عطشه مساوياً لجوعه فإنه لن يستطيع ان يرجح جانباً على الاخر ... و لو كان الحمارجائعا جدا وعطشانا جداً وأحضرنا طعاما وماء ووضعناه أمام الحمار فهو لن يكون حمارا حقيقيا إذا أسرع فاختار فشرب أو أكل.. أو شرب وأكل معا. وهذه (النظرية) طالما إستخدمها السياسيون لأقناع خصومهم السياسيين بقبول أحد الخياريين الذي لا ينفع إن لم يكن معه الخيار الأخر فهو يخيره بين الحطب وعود الثقاب ؛ وهي نوع من الخداع السياسي ففي بعض الأحيان لديك خيار دسم لكن نقصاً بسيطاً يمتلكه خصمك يذهب كل فوائد ما تملكه فلا ينفعك خياراً ناقصاً على امل استكماله لاحقاً بل اما ان تاخذ الخيارين معاً او لا تاخذهما معاً .
وهناك امام (نظرية الحمار) نظرية (حل الحمار) حيث يختار (الحمار) أبسط الحلول وأسهلها وأقربها اليه مكانياً وعقلياً لكونه لا يعرف التحليل ولا يهمه المستقبل والاهم من كل ذلك انه اصلاً لا يريد التفكير بحلول اخرى لأنه ببساطة (حمار) فضلا عن إنه يفكر بغرائزه هو متناسياً أن هناك أسود وحيوانات أكثر شراسة منه وقوة بل هو لا يتصور وجود مفكراً غيره. بل لو تعود الحمار على طريق معين ليحمل اثقالاً كل يوم لساعات مرهقة وطويلة فهو لن يحيد عن هذا الطريق حتى لو هلك تعباً او جوعاً بل إنه لا يظن وجود طريق سواه ! . أما الحرية فهي أصلاً محذوفة من قاموسه ؟!.
وعلى ذكر (الحمار) نتذكر(نظرية حمار حجا) حينما رفض جميع معلمي البلدة فكرة قيامهم بتعليم حمار السلطان القراءة والكتابة بمبلغ ضخم ومغري جداً مقابل القتل في حالة فشل المعلم تعليم الحمار لكن جحا وافق شرط ان يمنحه فرصة عشر سنوات لتعليم الحمار وأخذ جحا حمار السلطان وهديته معاً ولكنه قال لمعارضيه من الأساتذة والمريدين أنه خلال العشر سنوات سيكون هناك ثلاث إحتمالات لا رابع لهم .. إما
أن يموت السلطان .. أو أموت أنا.. أو يموت الحمار..!!. وأمامه عشر سنوات يستثمر في (حمار السلطان) وراتبه المغري !
ولو أبتعدنا عن الحمار إلى الفيل الذي سميت به أحدى النظريات الصينية في المقاومة (نظرية الفيل والبعوضة ) حيث تستطيع البعوضة ان تلسع الفيل ولمرات عديدة دون ان يتمكن من التغلب عليها رغم ضخامة حجمه وقوته التي لا تقارن مع إمكانيات وقوة البعوضة حتى يتعب وتستهلك قوته في محاولاته معرفة مصدر اللسع و تنهار قواه وقد يسقط . وأهم مغزى لهذه النظرية هي معرفة إمكانياتك وتحديد إمكانيات عدوك ونقاط ضعفه وضع خططك بموجب ذلك .
لكن من أهم النظريات التي نراها على واقعنا السياسي المعاصر والذي كان الإسلاميون في بعض الأحيان أهم ضحاياها تارة بحسن نواياهم وتارة بغبائهم وتارة بإختراقهم تلك هي (نظرية الثور الاسباني) حيث (إن مجرد استدراج عدوك القوي إلى حلبة الصراع المغلقة تمثل نصف عملية تصفيته، حيث ينحصر مكان حركته ويضيق، وتُجعل إمكانية استهدافه أكبر وأسهل واقل كلفة وأسرع ويحصر الصراع معه في بقعة محددة) . كما إن أصرار الخصم (المصارع) على أن يكون ذلك أمام جمهور من الناس يعشق متعة الفرجة، فارغٍ لا مبدأ له ولا قضية، وببراعة المصارِع ورشاقته يتحول المستدرَج المعتدى عليه (الثور) إلى مجرم في نظر المتفرجين، وأمام تسليط أضواء الإعلام تتحول كل سقطة للضحية وكل رمح يرشق به ظهره وكل قطرة دم تسيل منه؛ إلى نكاية وشماتة في غفلة عن كونه ضحية، وما نقموا منه إلا كونه يملك كل مقومات القوة والفتوة. وهذه النظرية تركز على الإستثارة العاطفية ودفع الخصم (لردات فعل) في مكان مكشوف لإنهاك قوته وإظهاره بمظهر المعتدي الخاشم مع وجود كل التحوطات اللازمة لإي إحتمال طالما هو موضوع تحت الإنظار والرماح مغروسة في جسده الدامي المنهك ؛ وفي أبعد الإحتمالات فقوات التدخل السريع موجودة لإنهاء (الحفلة) وقتل الثور الجريح بضربة واحدة ! يسقط معها الثور مضرجاً بدمائه وتسقط معها معاني كثيرة ولا أحد يسأل لماذا قتل الثور ؟ وكيف أصبح (مجرماً) ؟ وهل يحتاج الثور أكثر من حقل آمن يأكل فيه الحشيش بحرية ؟! .
سألني أحدهم هل أكل لحم هذا الثور حلال ؟ قلت له حسب نظرية (حل الحمار) نعم !
وعند إنتهاء (الحفلة) يبقى المشاهدون في إنتظار (مهزلة) جديدة ولكنها رغم مأساويتها الفضيعة فإنها ملهاة مبكية وشر الأمور ما يضحك !
مقالات اخرى للكاتب