في زمن ينتظر فيه المواطن اعتذار المسؤولين لفشلهم طيلة السنوات السابقة , وتقصيرهم في تقديم الخدمات بسبب تفشي الفساد من حيتان تعيش في محمياتها المحصنة , يفاجئنا مجلس الوزراء بطلب صدامية خامسة براءة ذمة من الكهرباء , جدل كبير واستياء من روتين المؤوسسات القاتل ومراجعات تدور في حلقات التواقيع والهوامش والاختام والارقام والمستمسكات و ( الصداميات الاربعة ) , اجراءات تعسفية نتيجة قرارات غير مدروسة وافعال تلقي بثقلها على كاهل المواطن , لطالما عاش من صراع مع الكهرباء وكأنه المشكلة الاولى التي تواجه الحكومة , وتذمر من شعب ساخط لقوائم خيالية لا تتناسب مع نوعية الخدمة , احد اصدقائي وصلته ورقة بمبلغ 500 ألف دينار في شهر كان مسافر خارج البلاد . براءة الذمة من الكهرباء عقدة اخرى الى روتين المؤوسسات وتفشي فسادها والمطالبة بتلك الوثيقة مخالفة صارخة للقانون لكون التسجيل بالنفوس او بيع العقار وغيرها لا علاقة له بأستقطاع الكهرباء , وهذه الوزراة فشلت فشلاّ ذريعاّ بتقديم الخدمة ليرد المواطن بعدم الدفع لأرقامها الخيالية التي لا تتناسب معها ومع دخل الفرد العراقي .
وزارة الكهرباء تدعي وجود ديون بمليار ونصف بذمة المواطن والمؤوسسات الحكومية لتربط ذلك بتراجع الخدمة , بينما تنكر عشرات المليارات التي انفقت على هذا القطاع ولم تحسنها . حلقات التفتيش ومكاتب المفتشين العامين ولجان النزاهة ولجان من اختراع المسؤول للمراقبة من اقاربه لم تمنع الفساد المتفشي في الدولة وشكوك المواطن تدور حول اي عقد , بينما لم نجد تلك الهيئات مانعة لتهريب المليارات للخارج , وهذا ما يدل ان الدولة لا تسطيع ان تمنع الفساد والتزوير بالمستمسكات التي تضيع وقت المواطن وتنشر علنية الرشوة لضلوع كبار المسؤولين فيه .
حكومة استسلمت للفساد فقطعت البطاقة التمونية وعن فساد عقود الكهرباء لتقطعها من المواطن , استهتار اخر بطلب تلك الوثقية في يقطع الفقراء لقمة اطفالهم لتدفع لأصحاب المولدات , وحتى المولدات التي وزعتها الحكومة لا تخلو من الفساد حينما يتفق صاحب المولد مع منظومة التشغيل الوطني ليتزامن مع تشغيل المولد وبنسبة ترتفع حسب الموسم , افتعال الازمة مع المواطن هذه المرة مباشرة مع اقتراب الانتخابات ما هي الا تغطية على الفشل المتراكم من الازمات , ليصبح واضحا حل الخطأ بالخطيئة والازمة بالكارثة , وان الحكومة متجهة لتوجيه الانظار بكونها المتفضلة دائماّ على المواطن وينتظر رحمة مكارمها وهباتها , مثلما عطلت قانون التقاعد ليعوض بمنحة 100 ألف دينار , بذلك تستغل العقلية المجتمعية التي فقدت ابسط مقومات العيش بأن العطاء هو منة من انجازات الحكومة , وبقاء نفس المسؤولين يضمن لهم ذلك الامل المفقود , وعند الغاء ورقة الكهرباء بمكرمة عليه التصويت وتكون ورقة الكهرباء ورقة انتخابية اخرى تعمل طيلة هذه الفترة التي لا تقطع فيها الكهرباء مواسم الانتخابات والمؤتمرات , ولا نستغرب من ألغاء القرار هذا وتوزيع مشاريع منجزة في الحملات الانتخابية , محاولة تغطية كل تلك الاخطاء , وعلى المواطن التدقيق بين الديون و الكهرباء وما انفق عليها ولم تتحسن , وما هي الذرائع في ميزانية دولة تساوي ميزانية اربع دول مجاورة لا ( ترمش ) فيها الكهرباء ليكون صادق بتلك المقارنة بالتصويت ..
مقالات اخرى للكاتب