بعد ان تعددت القراءات وتنوعت الاستقراءات وبعد ان شاعت في ارض السواد ما لا نطيق استيعابه من المشاريع والتسويات وبعد ان ملئت الشوارع والتقاطعات بما رحبت بصور اولي الامر منا وبالشعارات وبعد ان لم يبق باب من ابواب الفرج الا وطرقناه ولا ناصر ولا مجيب ينصر ويجيب اهل العراق نتوجه بالسوال اليكم ان كان ما اطلقتموه هو اخر المطاف بنا من التسويات التاريخية والوطنية الاغلبية منها والاقلية؟ فهل كان هذا قدر علينا مسطر عندكم بما تحفظونه من الكتاب او هي احسن القصص والروايات وكنا عنها من قبل لمن الغافلين والغافلات وهل تنطلق تلك الخطابات من فقه وعلم مبين وراسخ في علوم السياسات ام هي تحويلة مؤقتة بما عهدنا منكم من الاجتهاد لكي تديموا ما اسبغ عليكم من النعمة والملك والسلطات؟ فارحمونا فقد وهن العقل منا ولم يعد بالامكان مجاراتكم وقد وسعتم من العلم والحكمة ما لم يسعه من قبلكم ولا بعدكم من العلماء والنخب والثقافات لعلكم تريحوننا فتجعلوها الخاتمة من النهايات .
انه عهد الترف السياسي وما يخرج من الخطابات والشعارات باقية وتتلون فان تنامت وتعاظمت فهي على حساب العراق وارضه واهله ومستقبله الغامض يجرنا الى اسفل الدرك من الهلاك وشعب السواد لا زال ينظر بقلبه الى الامنيات والامال فقد تراجع الفكر والعقل فيهم بعد ان اغرقوه بالمتشابه من زخرف الخطاب والبدعات واصبح الفرد فينا ينجر الى الحدث وهو خانع صاغر لا يملك امر نفسه بما تراكمت على الجمهور من هذه المترديات وهذه غايتهم ومناهم فكلما كثرت سفن النجاة فينا كثر الملاحون وتشابه الرجال علينا وهنا فقط سيضطر الفرد غير باغ ولا عاد ان يبايع نفس الوجوه لانه لا يملك حرية الاختيار وبالتالي فهم خدام واتباع تيجان الراس من السادات والولاة فلا احتجاج عليكم ولا سؤال انما نسلم لكم تسليما فانتم من اختار الذي بيده الملك واما نحن فمن النعاق والرعاع وانتم من انعم الذي بيده الملك عليكم من الرفاه والقصور والقاعات وهي نعمة فضيلة واما خدمكم والاتباع فهم في الفقر المدقع يسكنون العشوائيات ويجرون العربات وهي نعمة فضيلة وشتان مابين النعمة على السادات والولاة والنعمة على الخدم والاتباع . وبعد كل حديث مجرب او غير مجرب مسرب او غير مسرب يخرج على المنابر والقنوات وعاظ السادات والولاة ليفسروا الينا تلك الاحاديث وما يتضمنه من علوم لا يعرفها احد غيرهم لانهم من يرسم السياسات وبهم يرتهن المصير وتتعلق الحياة ولن ترسو السفينة على ضفة النجاة الا على يد سيدهم وما فيها من البركات ولا حاجة الى الاستغراق بالمفردات والمصطلحات فان سعينا فيها فبها وان لم نسعى فعلينا اثم الخلاف وهذا لن يؤثر على المتربعين على حكم العراق بمثقال ذرة فقد استمكنوا منها ولن يتزحزحوا عنها قيد انملة حتى وان صار البعض لبعضهم ظهيرا؛ وكل حديث سياخذ حقه في التسويق الاعلامي حتى يدور فياتي الحدث الذي بعده لكي يدور الجمهور معه في حلقات الضلال مشغولا بما حمله الحديث من معان فلسفية وتكوينية وتشريعية وقانونية هي الاولى في الافاق فيتناوله الكتاب في اقلامهم هذا الذي يرفعه الى ان يكون هو حديث النجاة والحبل الذي يجب ان نعتصم به فلا نضل بعده ابدا وذاك الذي يسقطه ليكون غبار عالق وعلينا ان ننفضه قبل ان ننطلق الى القادم الاخر من المجريات وفي هذا التناقض والتخالف نرجع الى الخلف ولا نقدم اي انجاز عقب ذلك غير الانقباض والاحباط والرجوع الى ما قبل التنصيب لعملية سياسية قد بنيت على قواعد ذات طبيعة غير قانونية وانما كانت ذات طبيعة سياسية ودينية وعشائرية فانتجت لنا طبقة زعائمية خطوطهم حمراء لا ياتيهم الباطل من بين ايديهم ولا من خلفهم وقد دخلوا في دين السياسة افواجا فعصموا انفسهم بها بعد ان ورثوا العصمة الشرعية .
ولكي لا نظلم ولاة الامر منا فنكون من الاثمين قررنا ان نخرج حديث الاغلبية الوطنية والاقلية الوطنية على العامة من الناس كعادتنا حين يستجد ما نسطره من المقالات وفعلا ذهبنا الى مجلس صغير يضم المقربين من الاصدقاء احدهم بائع للكبة واللبلبي وهو واع ويحسن السماع والثاني لا زال مغرما باحدى الايديولوجيات فسألتهم ان كانوا يستطيعون ان يفسروا لنا ما هذا الحديث الغريب لعلي ارى منفذا اليه في التفسير والتاويل ثم ندركه فنعمل به باحسان وقد نكون له من الحافظين فاختلط الحديث ولم نصل الى المبتغى فاقترحت ان نخرجه على اي عابر علينا ممن نعرفهم وكانوا اثنان اولهم يشتغل عاملا غير ماهر (مسطر) فقلنا له الم تسمع بالحديث الاخير عن الاغلبية والاقلية فاجاب اني لا افهم في السياسة شيئا ولكني اريد الاقلية؛ اما العابر الثاني وهو يبيع الشاي فقال هذه كلها لعبة وكل ما يعملوه يدور علينا (وما خرت الا وهي مزروفة) هنا بدأت النفس في الاستدراك واسترجعت الذاكرة بما وسعت وقامت باستفهام للذات فقالت اين ذهبت كل تلك الشعارات "المواطن اولا والفريق المنسجم القوي والتسوية التاريخية" فهل نسخت كل تلك المتشابهات واصبحت نسيا منسيا من الغابرات ثم احكمت بعلم الحكيم بحديث الاغلبيات ام اني لم اعد قادرا على ان اتبين الخيط الاصفر من الخيوط الملونة الاخرى فتشابهت علي المفردات والمصطلحات ام ان الحديث كان من البواطن وبه ما به من التوريات فهل كان يعني ان النظام السياسي يحتاج الى عملية شلعية قلعية بما ظهرت علينا من التوصيات ام انه تحالف لا يفهمه الا الراسخون المبشرون بالسلطة ونحن ابعد من تلك الملمات ام ان هذا يعني انهم بسلطانهم على الارائك متكئين وعلى العروش جالسين ولن تنفع الحجة عليهم بما يتظاهر المتظاهرون من التيارات الدينية والمدنية والعلمانية واحزاب الاقلية على الفساد ونظام الانتخاب والمفوضية وسيكون عملهم هباء منخورا ؛ او لعلنا في كل ما سبق خاطئون فقد يكون الحديث هو الذي ينتظره العامة من الاتباع والمقلدين وبدلا من الحيرة سنقول لولاتنا على كيفكم ويانه فنحن من الغافلين من الكتاب الاقلية وخليناها يمكم وبحظكم وبختكم يا ابناء المرجعية .
مقالات اخرى للكاتب