لم ارغب في الاشارة الى الموضوع الذي اتناوله اليوم، رغم اتساع رقعته في مساحة المجتمع، ودائما ما كنتُ اقنعُ نفسي بالقول، انها حالة طارئة، وسيطويها الزمن لا محال، فالإنسان السوي بطبعه ميال الى التسامح ومحب للخير، لكن السنين والايام تمر، والظاهرة اجدها تتضخم، وتتمكن من الدخول الى دهاليز الحياة، وتتمركز في قلوب عديد من الناس، ولاسيما من حديثي النعمة الذين كانوا على الهامش، فاصبحوا يجلسون على قمة المال والجاه..! هم اناس يعوزهم العمق والمنطق ورجاحة العقل والمرونة ومحاولة الفهم، فيعوضون ذلك بكثرة الكلام.. بالجدل والتطرف والتمسك بإيذاء الناجحين، والى جانب سطحية هؤلاء، نجدهم يسعون الى تأسيس تجمعات ومنتديات في ما بينهم، ترتبط بخيط غير مرئي، لمحاربة الناجحين، والنيل من مبادراتهم، ووضع العصي في طريق ابداعهم الشخصي والمجتمعي .. ! ليس هناك داء أخبث من داء كره النجاح.. وللمصابين بهذا الداء علامات يعرفون بها، من ابرزها، دناءة النفس، وكثرة الشكوى والتذمر، والرياء والنفاق والكذب، والتقليل من شأن الاخرين، يكرهون نعم حباها الله لغيرهم، وهم بهذا يتطاولون على الخالق سبحانه وتعالى، الذي قسم الارزاق، ويسيئون الظن به.. لقد زادت شرور كارهي النجاح، وباتت تصيب رموز المجتمع، ولم ينج منها احد … هم يريدون ان يصمت الجميع، وتبقى اصواتهم النشاز هي السائدة، غير انهم نسوا ان براكين الحق لا تستأذن احدا حين تثور، وان حقيقة الإنسان، كما البركان، ليست في ما يظهره، كما قال “جبران خليل جبران” بل ما لا يستطيع أن يظهره.. لذلك إذا اردت أن تعرفه فلا تصغي إلى ما يقوله.. بل إلى ما لا يقوله..! واستطيع القول، ان كارهي النجاح هم ظل ” الشياطين ” في الارض، ولما كان الوجه مرآة القلب، فكاره النجاح يبتلى ببقع سود تشوه سحنته ولا ينفع معها علاج ولا دواء، وهو قرين الكفر، وحليف الباطل، وضد الحق، ومنه تتولد العداوة، وهو سبب كل قطيعة، ومفرق كل جماعة، وعلى من بيدهم الامر الانتباه الى ذلك، وعدم الاخذ بما ينطق به الذين يعانون الشعور بالنَّقص ….. فهم أشخاص يفقدون إيمانهم بأنفسهم، لذلك يتجهون الى جحور كارهي النجاح . ان طريق النجاح يعلو وينحدر، ويتسع ويضيق، غير ان مساره واحد: الصبر والأيمان والثقة بالنفس والاطمئنان. ومادام الإنسان يسطع ويلمع ويعطي ويبني، فهو بلا شك سيتعرض لحرب ضروس من كارهي النجاح، فالناس لا ترفس كلبا ميتا والجالس على الأرض لا يسقط !! فهل ادرك كارهو النجاح تلك الحقيقة؟
مقالات اخرى للكاتب