لن اتحدث عن مأساة صور انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي واثارت ضجة ورفض شديدين من قبل الجميع، لمدرس تربية اسلامية في احدى المحافظات العراقية اجتهد من عنده ليشرح لتلاميذه في مدرسة ابتدائية واكرر مدرسة ابتدائية، كيفية غسل الموتى!، مستخدما وسائل توضيح هي الاخرى من ابتكار عقله الخلاق!.
لن اتحدث اليوم عن ذلك المدرس بل اتحدث عن مهزلة الاجتهاد التربوي في العراق. المشكلة ليست في صورة المدرس الذي لم يجد في الدين الاسلامي إلا تغسيل الموتى كي يختاره لتعليم الصغار فقط، بل في غياب الرقابة والاشراف التربوي على التعليم الابتدائي في العراق. ليست هناك اية جدية في الرقابة، بل ان هناك ما هو افظع، فقد اتخذ البعض من مدراء المدارس المشرفين المعنيين بمراقبة ادائهم اصدقاء لهم في علاقة تقوم على المنفعة المشتركة، ومبدأ جماعتنا وجماعتهم، والنظر بعين الطائفية في معالجة الظواهر السلبية التي يجري كشفها بين الحين والآخر.
في آخر مرة زرت فيها مدرسة ابتدائية مختلطة اردت فيها تسجيل ولدي فيها في منطقة المنصور وسط العاصمة بغداد كانت هناك صورة كبيرة في مدخل المدرسة تحذر الفتيات غير المحجبات من عاقبة النار، وفيها رسمت صورة فتيات صغار وهن يحترقن في النار في حين تبتسم امامهم من ارتدت الحجاب!. هل هذا معقول وماذا ابقيتم لله سبحانه وتعالى بعد هذه الصورة؟ هل من المعقول ان نحارب داعش وافكاره السوداوية وعنجهيته في تفسير القرآن والدين ودعوته للترهيب بنشر صور كهذه في مدارس ابتدائية تعد المرحلة الاهم من عمر الطالب وتكوينه لشخصيته ودوره ومكانته في المجتمع وعلاقته بالخالق؟.
هناك من تشرح لطالباتها الصلاة والوضوء وفق مذهب دون آخر، وهناك من يستخدم طريقة إقصاء للطلبة المسيحيين من درس التربية الاسلامية بطريقة سيئة جدا، وهناك من يعلم الطلبة على اداء اللطم في وسط ساحة المدرسة؟. ارجوكم اتركوا الاجتهاد والتقرب والتزلف لاجل ارضاء المسؤول وانتهجوا مبدأ التعليم الصحيح، الخالي من الاجتهادات، ولا تنسوا حكمة اسلافنا بأن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر، ولا نعرف كم من النقوش التي ابتلينا بها ظلما وبهتاناً وكم من قصص وروايات مزيفة ظلت ترافق ادمغتنا المعطلة الا على ما يروى لنا وما تعلمنا عليه من الآباء والاجداد واتضح مع الزمن انها بالية، وعلينا التخلص منها.
الزمن يمضي والعلم يتطور وصار بإمكان الولد او البنت الصغيرة ان تشبع فضولها لاية معلومة بضغطة زر كيبورد او هاتف نقال وينتهي الامر، وستكتشف حينها عالما من المعلومات المحظور عندنا والمسموح، وكذا الحال مع الصور والرسوم والفديوات، ويبقى على اولياء الامر النصح والارشاد، لكن يبدو ان بعض المعلمين والمعلمات عندنا لم تزل تستهويهم هواية الاجتهاد (السلبي ) الذي عادة ما يخرب اكثر مما يعلم ويربي.
مقالات اخرى للكاتب