لم يجد ابناء بغداد بدا من قلب المعادلة والتقدم نحو الحكومة الاتحادية بشخص رئيسها كونه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية وكالة والمسؤول عن الملف الأمني بشهادة وفاتهم لإراحة الحكومة وتجنيبها حالة الحرج المتأتية من عجزها التام في وقف الانهيار الامني الذي يلف الشوارع والأزقة والساحات وياخذ معه كل ما له علاقة بالحياة والوجود ولم يتوقف لحظة منذ ايام دون ان تتمكن الحكومة من وضع حد لسطوة العصابات الإجرامية والإرهابية وهي تحصد أرواح الأطفال والنساء والرجال والشيوخ وتثير الرعب والخوف والموت والدمار. وتقديم شهادة الوفاة الى القائد العام للقوات المسلحة هو خيار وحيد لا يوجد بديل له حتى يمكن الاتجاه اليه في ظل غياب ثقافة الاستقالة او الاعتراف بالفشل والخطأ من قبل السيد المالكي او وزيري الداخلية والدفاع الذين يعملون بالوكالة يشاركهم في احد هذين المنصبين او كليهما السيد المالكي ايضا،وغياب هذه الثقافة يعني غياب الشجاعة والرجولة وتعني استهانة جميع الماسكين بالملف الأمني بأرواح وممتلكات الناس. واقدام اهالي بغداد على هذه الخطوة النادرة والشجاعة والتي لا يوجد لها مثيل في تاريخ خنوع واذلال الشعوب ما يرونه من استهانة وتهاون بحرمة الدم العراقي ووقوف أصحاب الشان والمختصين موقف المتفرج والانزواء ازاء الكوارث اليومية وكذلك ما يرونه من عجز وضياع قادة الكتل السياسية والمؤسسات الدينية والعشائرية ومنظمات المجتمع المدني اتجاه هذا الاستهداف المنظم اليومي بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة واللاصقة والأسلحة الكاتمة والأحزمة الناسفة. السوط الاكثر ايلاما في قصة الاستهداف اليومي المنظم الذي يطال ابناء بغداد هو هذا التراشق الغير مسؤول من قبل قادة المؤسسة التنفيذية والتشريعية ومن يدور في فلكهم والذي يعتبر السبب الرئيس في تصعيد وتيرة ونبرة الاستهداف اليومي والطائفي فما ان يطلق النجيفي تهديداته حتى يقابله المالكي برد صاعق في الجمل والعبارات لتنزل هذه الاتهامات حمما من البلاء على رؤوس الفقراء والمعدمين. ان تحسن الوضع الامني ووقف الانهيار الذي اصبح علامة فارقة لا يبدوا في متناول ايدي القوات الامنية ولن تشفع كل التغيرات والتنقلات الحقيقية والوهمية في القيادات العسكرية كما ان جلب الكلاب السائبة والبوليسية وزيادة الصبات الكونكريتية والسيطرات الوهمية والحقيقية وحتى الصلاة الموحدة التي دعها اليها السيد القائد العام للقوات المسلحة لن تغير من الواقع شيئا او تجعل ابناء بغداد يغيرون من قناعاتهم بتقديم شهادة وفاتهم الى الحكومة المبجلة. ان بغداد واهلها يعيشون نكبة الانكسار والالم والغليان ليس من المجاميع الارهابية والقتلة انما من القيادات الحكومية والامنية التي لا تفكر الا في مصالحها ومكاسبها الشخصية والحزبية دون ان يكون لهذا الدم الطاهر والمستباح يوميا اثر في ثورة للشرف والنخوة والغيرة والاعلان عن الفشل وتقديم الاعتذار وهذه الشجاعة وهذه اللغة لا توجد الا عند الرجال والشرفاء وهم بكل تاكيد ليس المعنيين والماسكين بزمام الفشل والانكسار.
مقالات اخرى للكاتب