منذ عشر سنوات ونحن عالقون هنا يا رب، منذ عشر سنوات ونحن ندور بدوامة من الدم. دوامة من الدم الخالي من الملامح؛ لأن جميع الملامح اختلطت فيه، دوامة من الدم الخالي من الرائحة، لأن الفقراء في العراق لا يضعون عطوراً فاخرة تستطيع أن تتجاوز نتانة البارود وتصل إليك.. لكن هل نصل إليك؟ لأن هناك من يتحدث عن أن الملائكة الموكلون بأبواب سمائك قد منعوا ارواحنا من المرور، ظنا منهم بأننا انتحاريون! فهل حقاً لا تفرق الملائكة بين رائحتي القاتل والمقتول يا رب؟
يا رب، اديانك التي ارتضيتها لنا، تحولت إلى مراتع للقتلة، والمذاهب التي تبرعمت في فضائها تحولت إلى مسالخ ومسالخ مضادة، الأمر الذي حولنا، نحن، إلى خراف مضطربة بين مسلخين متعاديين.. رجالك الذين وعدتنا بعدالتهم ورحمانيتهم وسعة صدورهم، رجالك الذين ادخرتهم ليقيموا دولتك ويبسطوا عزك، رجالك الذين ادخرناهم، نحن، ليبعثوا في احلامنا أنبياءنا النائمين، رجالك هؤلاء خانوك يا رب؛ لأنهم يفتكون بنا، نحن الفقراء، نحن عيالك، ألسنا عيالك يا رب، أقصد هل ما زلنا كذلك؟
خرافك عالقة بين مجموعة متوحشة من القصابين، فافعل لها شيئاً يا رب. الملحدون يتحدثون عن اهمال متعمد من حضرتك لحوادث السلخ التي ستأتي علينا. الملحدون يؤكدون نسيانك لوجودنا، لكننا لا نصدق بهذه الاشاعات، لأننا نعلم بأنك تبتلي إيماننا بهذه المسالخ ولذلك نحن سعداء بهذا الاختبار وراضون به. لكن يا سيدنا العظيم، نحن نشعر بأننا على وشك الانقراض، ولدينا مخاوف من أن يؤدي الاختبار في حال استمراره إلى انقراضنا.. فهل ستسمح بانقراضنا يا رب؟
المتهافتون على ذبحنا مهووسون بنساء يعتقدون بأنك زينتهن واعددتهن مكافأة لهم على قتلنا، فكذب اعتقادهم يا رب.. أخبر المتهافتين على تفجير اشلائنا بأن اعتقادهم سخيف وغير ممكن؛ لأنه يحول السماء إلى شيء أشبه ببيوت الدعارة.
يا رب، نحن في العراق عالقون إلى درجة ميؤوس منها، مأزقنا بشع إلى درجة لم يعد ممكناً أن ننجح بالخروج منه دون مساعدة منك، لذلك ترانا نهذي بهذا الشكل اللامتوازن، لذلك نطلب منك الرضا والمغفرة، وأن لا تسمح بانقراضنا، نحن عيالك،
من العراق.
مقالات اخرى للكاتب