للحقيقة نقول ان هذا السؤال لا يطرح نفسه في العراق فقط بل انه يشكل اشكالية عالمية لم تتمكن اعتى الديمقراطيات في العالم ان تجد حلولا جذرية لها رغم ان الجميع يؤمنون بأن الجيش لا بد ان يكون جيش الشعب وليس جيش القائد العام ، والدليل ان الديمقراطية البريطانية العريقة لم تتمكن من منع الرئيس توني بلير من شن عدوانه غير المبرر بل والسخيف على العراق ولا يزل العالم يتساءل عن مصلحة الشعب البريطاني في ذلك العدوان .
كل الادبيات في مجال الاستراتيجية تقول ان من مهمات الجيوش تحقيق المصلحة العليا للشعوب دفاعا ام هجوما ام ردعا ، ولكن الحروب كلها شنت في السابق لتحقيق مصلحة الحكام والنبلاء وكانت الشعوب وقودا لها ، وجاء عصر الديمقراطية ومجالس النواب (والكونغرسات)لتصبح الجيوش باحثة او مسخرة لخدمة مصالح الشركات العابرة والقابضة ورؤوس الاموال بكافة اشكالها.، ولا بد طبعا من غطاء ديني فهذا لأجل العذراء وذاك لأجل المهدي وقبلهم كانت ارض الميعاد .
في عراقنا اليوم جيش كبير وهناك كل اركان الديمقراطية نظريا الا ان الامر آل الى ان يكون هذا الجيش اداة بيد القائد العام وأداة تستخدم حتى في صراعات التسقيط الشخصي بل وحتى في الانتخابات ومعه هالة من القدسية ، فالويل لمن يمس شعرة فيه والثبور لمن لا يعلن تأييده لما ينفذه من مهمات تأييدا مطلقا .
في العام 2007 سألني مقدم برنامج في قناة فضائية : وما رأيك بالجيش الحالي ؟؟فكان جوابي انه قرة عيوننا وفيه معلمين لنا وطلابا لنا وهو مهما حاولوا افساده فهو ابن فوج موسى الكاظم ع ، ولامني الكثيرون واليوم اكرر قولي هذا رغم ان الاسس التي تشكل بها من جديد هي اسس غير سليمة بالمرة ، وأنه ينبغي اعادة بنائه على اسس وطنية بحتة .
الذي شكل جيشنا من جديد كما نعلم هو بريمر وهو بالتاكيد لا يريد له القوة والحصانة فجاء تشكيله بنفس النهج السيء الذي رسم فيه خارطة العملية السياسية وعتمت تحشيته بالميليشيات وضباط الدمج ومتطوعي الاحزاب الدينية حصرا...ولم ينس ان يقول للسيد عبدالعزيز الحكيم عند دعوته له لحضور تخرج اول فوج ((لقد حققت وعدي لك وعينت اول آمر للفوج من المذهب الشيعي)) وهذا النص وأخوذ من مذكرات بريمر .
جاء الدستور على نفس خطى بريمر وقانونه لادارة الدولة حيث نصت المادة التاسعة منه على ((تتكون القوات المسلحة والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها )) وبذلك ينبغي ان يكون للشيعة نسبة وللسنة نسبة فيه وهذا ما هو غير موجود حتى في جيش قبائل الزولو .وهذا يعني ان حصة الشبك في هذا الجيش لن تكون اكثر من آمر سرية واحد .
لكي يكون جيشا اشبه ما يكون بجيش الشعب نص الدستور نفسه على ان قادة الفرق صعودا ينبغي ان يصادق علي من لدن مجلس النواب (ممثلي الشعب) ليكون للشعب حصة افتراضية في بناء الجيش وادارته ولكن الذي جرى ان كل القادة بلا استثناء عينهم القائد العام .واستخدم صلاحيات غير منطقية في الاقالة والترقية وغير ذلك واعتمد استمارة معلومات تطلب من العسكري بيان طائفته وطائفة زوجته (للتاكد من خوال الولد) وبدأ بتوزيع الرتب وملأ الجيش بمائة رتبة فريق ناسيا ان الجيش الاسرائيلي الذي هزم الحكومات العربية مرارا ليس فيه فريق واحد ، وذهب الى ابعد من ذلك في منحه الرتب الفخرية (براتب تام ) وبرتبة فريق للمئات ولم ينس اهل السنة طبعا فكانت حصتهم في رتبة الفريق الحقيقية 4% وفي الفخرية صفر%
أهو جيشنا أم جيش القائد العام؟؟؟
مقالات اخرى للكاتب