ويكثرون الحديث عن الفساد... ولكنهم مرتع الفساد وحاضنيه !اضحت ظاهرة الحديث عن الفساد المستشري في مرافق الدولة من قبل المسؤولين والقادة السياسين الكبار, والشعارات والتصاريح الوهمية الكاذبة التي يطرحوها في مكافحته وعلاجه ديدنا ونهجا واسلوبا للهروب عن الواقع المزري الذي يعانيه العراق ما بعد 2003, لعجزهم التام في التصدي لقوته وجبروته وهيمنته والحد من تناميه واستفحاله .وهم يدركون عمق الادراك عن طبيعة هذا الفساد واسباب نشئه وانتشاره بهذا الحجم المتفاقم لكونهم يجاهدوا في سبيل ابعاد التهم والنصال الموجه الى شخوصهم وكيا ناتهم من انهم وراء هذا المرض المستعصي وهم منبعه وحاضنته والمتسترين عليه .فالفساد السياسي الكبير يكمن في منظومة الدولة وبكل مؤسساتها التنفيذية والقضائية والسلطوية وبكل هيئاتها الرقابية والإعلامية وبأحزابها ومنظماتها السياسية والمهنية وقواها الأمنية وهو من اخطر انواع الفساد واشرسها .
وهو من اوسع الميادين التي يتفشى فيها الفساد ويستشري , وهو الاساس والنواة لبقية انواع الفساد وذلك راجع لكون الذي بيده سلطة القرار هو الذي يتحكم بمصائر الناس ماليا وثقافيا واقتصاديا وتربويا ,فالأعلام بتوجيه منه والمناهج والقوانين والاقتصاد والإدارة وتسيير المجتمع كلها تحت سيطرتهورغم الضبابيات التي تغطي عليها جرائم الفساد السياسي ورغم دعوات الشفافية التي تعمل بالضد منه تظل محورا وعاملا من العوامل المساعدة على انتشار كافة انماط الفساد الاخرى..فالطبقة السياسية الحاكمة ارتهنت العراق ارضا ووطنا وشعبا لمصلحتها ومصلحة احزابها ولم يعد مفهوم الوطنية والخدمة وبناء الوطن ورقي المجتمع لها وجود في منظور هؤلاء القادة واحزابهم وسياسيهم او حتى في متن خطابهم السياسي الهش . لهذا تبقى مسؤولية التدهور والهشاشة والتردي في العملية السياسية القائمة لإدارة الدولة والسلطة في العراق واقعة على كاهل هذه النخب وكتلهم واحزابهم السياسية‘ وتظل كل الانعكاسات السلبية التي افرزتها تداعيات ادارتهم السيئة للبلد ملتصقة بأعناقهم الى ان يأتي اليوم الذي يقفون فيه امام شعبهم وشرائع حكمه الرشيد لمحاسبتهم عما اقترفته تصرفاتهم واساءاتهم واستخفافهم بشعبهم وبثروته وبالتلاعب بأمواله وقوته وبما آل اليه مصير العراق وطنا وشعبا وهو يرزح تحت ضمير من لا ضمير لهم من الارهابيين والموتورين ومن كل الفاسدين من مسؤولين وسياسين ومخربين والخارجين عن القانون‘ومن ميليشياتهم وعصابات احزابهم المسلحة.فالفساد الاداري الذي خيم بثقله الرهيب على صدور العراقيين يعد من نتاج المظاهر الظالمة والدنيئة التي انتهجتها القيادات السياسية واحزابها طيلة تسنمها ادارة هذا البلد فكانت الحاضنة الرؤوم التي دعمت الفساد وترعرع بفضل ادرتها وحمايتها للمفسدين من خلال تسترها وتشجيعها لكل مظاهر الفساد وبكل انواعه واشكاله حتى تفشى واستفحل الى المراتب العليا التي يعيشها عراق اليوم ‘فلم تعد كل المؤسسات والهيئات الرقابية والحسابية والقانونية قادرة على مكافحته والوقوف بحزم لردعه وتناميه‘ وان كانت هذه الهيئات موضع ريبة وشك في صدقيتها وحسن ادائها لكون اغلب منتسبيها منحدر من رحم كتلهم واحزابهم
او المنسوبين والمحسوبين عليهم ‘فضلا عن التدخل المباشر وغير المباشر او الضغوطات التي تمارسها السلطة التنفيذية والمتنفذين الكبار من المسؤولين والسياسيين في الدولة على اعمال وشؤون هذه الهيئات الرقابية وادارتها فلم تتمكن هذه الهيئات من ترويج اي معاملة او ملف فساد يخصهم او يعود الى منتسبيهم ومعارفهم ليأخذ طريقه القانوني السليم الى القضاء ‘وحتى لو وصل فعلا اي ملف للقضاء العراقي فلا يجد غير التستر والركون في ادراج القضاة ليعتليه الصدأ والنسيان‘ وهناك الالاف من ملفات الفساد المكتملة التحقيق او من التي صدرت بحق اصحابها اوامر قبض لأدانتهم بالجرم المشهود والتي روج لها الاعلام بكل وسائله المرئية والمسموعة والمكتوبة لكنها لازالت مكدسة في المحاكم لا ترى النور ولا يبدو لها اي مخرج يسلخها من تحت الغطاء المتكتم عليها وعلى منفذيها . يحدث ذلك بعلم وتغطية كاملة من لدن القيادات السياسية العليا في الدولة العراقيه‘فلا يوجد بصيص امل يرتجى لا إنقاذ العراق من هذه المعاناة التي فتكت به وحطمت تطلعات شعبه في البناء والرقي والازدهار الا في الاصلاح السياسي التام وتغيير معظم الوجوه من السياسيين والقيادين الذين اغرقوا العراق بفسادهم وتدنست اياديهم بالسحت الحرام المقتطع من خيرات الشعب ورزق ابنائه واجياله القادمة
مقالات اخرى للكاتب