مقدمة
=====
بالرغم من ان حقل الاستخبارات هو ليس حقلاً دينياً , الا ان من المفيد التأكيد على ان الله سبحانه قد مكن انبياءه واولياءه الصالحين من التفوق بسلاح المعلومة التي تعد مدار ومحور وغاية العمل الاستخباري , وان الامر لم يقف عند حد الانبياء والاولياء المعروفين بل تعداهم الى من يتوجهون اليه سبحانه يستخيرونه في قراراتهم , والذين لانلبث ان نستمع اليهم وهم يحدثوننا عن قرارات مصيرية اتخذوها في حياتهم بناءاً على مااسموه بالالهام
===============
المصدر والمتلقي والمعلومة
===============
فالاستخبار يعني الحصول على المعلومة , وهذه المعلومة تحتاج الى تحليل وتدقيق كي يتم التاكد من صحتها , وكلما كان مصدر المعلومة قريب من العدو مطلع عليه , تكون المعلومة الاستخبارية دقيقة ومهمة ويمكن بناء اخطر القرارات المصيرية الاستراتيجية عليها .
الاستخبارات اذن فيها مصدر المعلومة وهو عنصر الاستخبارات الميداني او المصادر , ومتلقي المعلومة وهم محللوا الاستخبارات الذين يغربلون المعلومة على مكاتبهم , وعندنا المعلومة التي تنتقل بين الاثنين .
======
المطلق
=====
فمابالك اذا كان مصدر المعلومة هو اقرب مايمكن من العدو المراد الاستخبار عنه لدرجة انه مطلع على كل اسراره ووثائقه ومطلع على كل افكاره وحركاته وسكناته , بل ويعرف ايضاً بماذا سيفكر , بالاضافة الى انه صادق دوماً بالمطلق ولاييزيد او ينقص بنقل المعلومة بحيث ان دقته هي 100% ؟.
ومابالك اذا كان متلقي المعلومة من المصدر معصوم لايخطيء ومنزه تماماً وهو ايضاً بالنتيجة لايكذب ولاينقل الا الصواب ؟
هنا تكون المعلومة مؤكدة وموثوقة , وتستطيع ان تبني عليها اخطر قراراتك .
ان مانعنيه مما سبق هو الوحي الالهي للانبياء , فمصدر المعلومة هو الله سبحانه وتعالى وهو اقرب للانسان من حبل الوريد , والانسان هنا هو بالمطلق , اي انه اقرب الى العدو ايضا من حبل الوريد ويعرف كل سكناته وعدا عن ذلك هو خالقه وعنده اللوح المكتوب , فالمعلومة الهية , والله سبحانه يسلمها لمن يؤتمن عليها وهو النبي او الرسول , فالنبي او الرسول هنا هو متلقي المعلومة ,كما ان المعلومة هنا صحيحة لان مصدرها الله سبحانه وبالتالي لاتحتاج بل لايجوز للنبي او الرسول تمحيصها والشك بها .
==============
اشكال تلقي المعلومة الالهية
==============
فبهذا الشكل , يعد هذا النوع هو اعلى نوع من الاستخبار , وهو ما خص الله يبحانه به انبياءه , فكل الانبياء قدّر الله تعالى لهم من الاطلاع على المعلومة وزودهم وسلحهم بها , وهذا كان هو العون الكبير لنجاحهم في نشر رسالاتهم , سواء ماكان بالوحي المباشر بما يلقيه عليهم من تنبيهات للمخاطر او توجيههم الى تخطيط اتجاه ما دون غيره ,وقد يكلمه كما في موسى كليم الله, او بتسخيرٍ بالواسطة كما في تمكين نبي او رسول من ان يكلمه ملك كما في جبريل عليه السلام مع رسولنا الكريم , او ان يسخر له موارد للمعلومات كتفسير الاحلام عند النبي يوسف عليه السلام , او ان يستطيع ان يعرف لغة الطير والحيوانات ويجعلها عيوناً له تتقصى المعلومة ,كما في قصة النبي سليمان, او في ان يخص النبي او الرسول بجولة في عالم السموات , كما في الاسراء لخاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم .
=============
المعلومات سلاح النجاح
==============
وبالتأكيد فان الاستخبار عن المستقبل والاوامر الربانيه كان اعظم سلاح بيد الانبيإء وبالمعلومة اتخذوا قرارات مصيرية ,فقد قام النبي نوح ببناء سفينة بامر الله , لان الاستخبار وصل اليه بان الطوفان سيحصل والمصير هو الغرق , وتجنب النبي العظيم عمليه الاغتيال في قريش ومكة بسبب الاستخبار الرباني, وانقذ النبي يوسف الامة من الجوع من خلال المعلومة (تفسير الحلم), ناهيك عن المعاجز التي كان الله يسلح بها الرسل كان الاستخبار والوحي يجعلهم ذو اسبقيه في مواجهه العدو, ففي كثير من المواقف كانت الغلبة للانبياء مع الكفار وجبابرة عصورهم بسبب المعلومة , فعيسى عليه السلام اصبحت لديه القدرة على اخبار الناس مايدخرون في بيوتهم , وكذا بالنسبة للرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم حين كان يخبر الاقوام والمجادلين بقصص الاقوام السابقة
ولم تخل قصة بني من الانبياء من تداول لمعلومات تأتيهم ايحاءاً كما في ان يرزق يعقوب عليه السلام بولد , او في تنبيه لعقاب يقع على قوم ما كما في قصة النبي لوط عليه السلام .
بل ان الامر لم يقف عند حد الانبياء فقط , وتعداهم الى اولياء الله الصالحين كما في قصة الخضر عليه السلام , ولاغرابة في ان يصل الامر الى نميل الى تصديق الكثير من الناس الصالحين , او ممن يدعون ربهم بقلب سليم من ان يمن الله سبحانه عليهم بإلهام بقرارات معينة يتخذونها في حياتهم تخلصهم من مأزق او ان تفتح لهم ابواب الرزق , وهو نوع من البناء على معلومة يعدها المؤمن قاطعة الصدقية ويبني عليها قراراً مصيرياً يخص عائلته او تجارته او اي شأن من حياته , وهو امر لطالما تواتر في مالايحصى من قصص الحياة .
=====
خلاصة
=====
مقصدنا هنا , ان دقة المعلومة ومدى صدق المصدر وتمكنه من ان يكون قريباً من المعلومة , كلها عوامل مهمة ورئيسية في تمكين المحلل الاستخباري من الركون للمعلومة والبناء عليها واعتبارها اساساً لما تليها من معلومات تكمل اللغز , ومن ثم اتخاذ قرارات استراتيجية لايمكن التكهن بها مالم تتوافرمعلومة لاغبار عليها , وهو ماكان متحققاً في الاخبار الالهي للانبياء , كما في قرار بناء سفينة نوح عليه السلام , وبالطبع فاننا لانعني هنا الاوامر الالهية الصادرة منه سبحانه للانبياء , وانما نعني بها المعلومات التي يطلع الله سبحانه انبياءه ليتمكنوا من ان ينجحوا في نشر الدين .
مقالات اخرى للكاتب