بعد تحضير وانتظار وارتقاب شعبي لما ستكون عليه ميادين المظاهرات في العراق على أمل اللقاء في نثر المطالب وإطلاق الإرادات الجماهيرية عبر منصات التظاهر, انطلقت قوافل الـ31 من أب في توقيتات متقاربة وأماكن متشابهة في اغلب المدن العراقية , بعد إن اختارت لها عنوان رئيس حاولت فيه اختزال اغلب العناوين الفرعية من سوء الخدمات وعضال الوضع الأمني وغيرها من العلل المؤسساتية الكثيرة التي تطفو فوق الجسد العراقي ,ليمتثل ويتمثل ذلك الهدف في دعوة إلغاء تقاعد البرلمانين العراقيين وتخليص الميزانية العراقية من تداعيات تلك النصوص التشريعية التي فيما إذا استمرت سريان هكذا قوانين حتى عام 2020 سيكون أكثر من 50% من تلك الميزانية مخصص لتغطية رواتب تقاعد البرلمانين.
حركة المتظاهرات التي دارت عجلتها بالأمس والتي امتدت في زحفها نحو أكثر من اتجاه وقبلة, حملت في ظهورها الإيقاعي البطيء و سرعة ذوبانها , جملة من الأسئلة العالقة في ذمم ما حملت من أوراق وبطاقات سواء كانت حمراء منها أو صفراء بوجه المتصدين للمسار السلطوي في العراق بإبعاده الثلاث التشريعي والتنفيذي والقضائي, والتي يمكن إيجازها في ثلاث قنوات , هل استطاعت المظاهرات من إشهار بطاقة إنذار أو إقصاء للاعب السياسي العراقي؟ وهل إن التجمهر من إعداد وقيادات موجهة له , تتناسب مع حجم الأخطاء والتحديات التي تكتنف النسخة السياسية العراقية ما بعد2003؟ وأخيرا هل إن المظاهرات الأخيرة قد أعلنت عن ضعف الصوت المدني في العراق وعدم امتلاكه القدر الكافي في تفعيل المعادلة الانشطارية في المفاعل السياسي العراقي ؟
حقيقة إن مظاهرات اب لم تنطلق من مسافة زمنية تجاوز التحضير فيها الثلاثين يوما بل يفترض إنها تكون بلغت من العمر عتيا بعد اجتياز مقطع زمني تجاوز العشر سنوات والتي ضمت في محطاتها الكثير من المنعطفات الخطيرة التي وضعت الملف العراقي وعلى اغلب المستويات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في أعناق الزجاجة, والسؤال الذي يولد من رحم تلك الإجابة هل إن المظاهرات الفقيرة الإعداد , كانت بمستوى هكذا أرشيف حكومي ونظام سياسي؟
ولنذهب إلى الشق الأخر من إسقاطات تلك المظاهرات , فبعد انتهاء مناسك التظاهر وانصراف المتظاهرين , والطريقة الهادئة في ختام ذلك الحق الديمقراطي ما خلا الإحداث التي جرت على ارض الناصرية من اعتداء رجال الأمن على بعض المتظاهرين, باتت ساحات الجماهير ساكنة الحركة, لا تحفظ لها الأرض أثرا , وكأن الحال حفلا اندثرت تباشيره مع مسك الختام , والسؤال الذي يجيب عن السؤال اللاحق , هل وصلت الرسالة إلى من يعنيهم الأمر , بل هل قطعت تلك المظاهرات إزاحة قلصت فيها فرص النجاة والبقاء للفاسدين من المتصدين في المؤسسة العراقية.
وأخيرا , إن كان في العراق رغبة جماهيرية ناطقة بالمرسوم المدني وكما أشير له قبيل انطلاق التظاهرات ,والذي أكد إن تلك المظاهرات تنطلق من عباءة مدنية لقوى جماهيرية تبحث عن إرساء نظام ديمقراطي خارج مديات المشاريع الإسلامية المتطرفة في العراق, فهل استطاعت تلك الجماهير من تأسيس لهكذا مشروع على ارض الواقع, أم ان وصفة السيسي التي أطلقها في مصر مؤخرا , باتت فوق ارض العراق في ردهة الإنعاش لإصابة المشروع التغيري في العراق بداء التخندق الإقليمي .
مقالات اخرى للكاتب