يقال ان الجنون فنون لكن في العراق اصبحت الجرائم فن وموهبة لايمكن الوقوف بوجهها فالاحداث تكون مرتبة بشكل لايمكن الشك بمن يقوم باداء ادورها حيث ترسم الشخصيات بشكل دقيق وكل شخص يحفظ دوره بشكل يجعله متألقا في اداء دوره ،
اليكم الجزء الاول من الشخصية الاولى التي قامت بالنصب على سائق سيارة حديثة موديل (2015) نوع سورنتو اوكما يطلق عليها (الفين وهسه) في منطقة اليرموك الشارع العام وفي يوم تموزي لاهب السائق يسير بسرعة لاتتجاوز (40 ) كم في الساعة لخروجه من شارع فرعي للوصول الى الشارع العام وفجاة يرى سيارة اجرة نوع سايبا تتقدم بالقرب منه وتحاول مضايقته وما ان شرد ذهنه بالانتباه يصرخ شاب في العقد الثاني صيحة تجعل من في الشارع يلتفت ويهرع ليرى ما حدث. هذا الشاب يقوم برمي جسده على السياره من الجهة الاخرى التي لاينتبه اليه السائق لانه مشدود التفكير في ما يفعله صاحب السيارة الصفراء، هنا تبدأ الاحداث حيث ينزل 3 اشخاص من السايبا ويحملون الشاب بعد ان يصرخوا بوجه صاحب السيارة الحديثة ويفتح احدهم الباب والاثنان الآخران يحملوه وما ان يصعدا الى المقعد الخلفي يشهر احدهم مسدس ويقوم بتهديده قائلاً: الشاب تكسر ولازم نودي مستشفى واذا مات انت تتحمل المسؤولية.
من 20 الى 5 ملايين
الاحداث تمر اسرع من عقارب الساعة، ولايمكن تحمل موقف دهس وموت انسان، القيادة بسرعة هي المطلوبة فالشارع شبه خاو وقت الظهيرة لحرارة الجو يقف عند باب المستشفى .. الاهلي ويحمل الشاب من قبل الشخصين حيث لازال احد هولاء الاشخاص الثلاثة يقود السيارة الصفراء والاخران مع السائق المبتلى على امره، يكملان تمثيل ادوارهم باتقأن، يخرج احد هولاء بعد وقت لايتجاوز ربع ساعة ويخبرصديقه وامام المتهم ان قريبهم يحتاج الى اجراء ثلاث عمليات نتيجة الكسور التي حطمت نصف عظام جسده وهذا مابينته الاشعة والتقرير الذي كتبه الاطباء، العرض يكون امام السائق المتهم من قبلهم (20) مليون او تسليمه الى اقرب مركز شرطة وهناك سوف يتحمل المعاملة السيئة ويدفع اضعاف هذا المبلغ ، الرجل المسكين يوافق على الدفع لكن بعد عقد مفاوضات واتفاقية اختصرت بخمسة ملايين دينار عراقي تستلم من قبل احدهم عدا ونقدا بعد ان يتصل بأحد افراد عائلته ليحضرها له.
منطقة المحمودية على الطريق السريع حيث كان يقف هناك مجموعة من الشباب يتجاوز عددهم (4) بانتظار مرور الصيد وها قد لاح في الافق، تقدموا نحو صاحب سيارة موديل ( 2014) نوع النترا وهو الذي يسرد لنا ما حصل معه حيث يقول عمار البغدادي: كنت اسير بالسيارة ونتيجة وجود مطب صناعي في الشارع خففت من سرعة السيارة وما هي الا دقائق حتى سمعت صوت ارتطام من الجهة اليمنى ولا اعلم ماهو. حاولت الوقوف على جانب الشارع وقبل ان اتوقف اشخاص يلتفون حول السيارة ويطلبون الثأر لشقيقهم الذي صدمته، السلاح يوضع في رأسي والاخرون يصعدون السيارة ويحملون ما يدعون انني صدمته بالسيارة ويطلبون الذهاب الى المستشفى ولكن احدهم يقول ادفع فلوس العلاج وعوفه علينا، اتصل جيبولك فلوس وخلص نفسك وبكيفك المركز موجود والمستشفى موجود، وعندما وافقت طلبوا مني اجراء الاتصال وان يأتي شخص قريب مني حاملا معه (10) ملايين دينار واذا لم تتوفر ليأتي بمصوغات ذهبية .
التعاون مع قوات الامن
دور القوات الامنية في التصدي لهولاء النصابين ومحاسبة من يبتز المواطنين بأي طريقة كانت، حيث اكد الناطق الرسمي لقيادة عمليات بغداد العميد سعد معن لـ(المدى) قائلاً: الاجهزة الامنية تعمل ليل نهار من اجل توفير الامن للمواطنين وعلى المواطن مساعدتنا في الاخبار عن كل من يحاول ابتزازه او النصب والاحتيال عليه بأي شكل كان وهناك هواتف مباشرة للاخبار عن هولاء العصابات والمجرمين والاتصال يكون بصورة سريعة ولايفصح عن هوية المتصل. مبينا: ان على المواطن ان يتصل بالقوات الامنية ولايترك الامور هكذا معلقة، ويعالج الامور مع المجرمين اذا كان لايريد ان يتعرض الى الاذى لابأس من محاولة التفاهم معهم لكن بعد التخلص منهم ومن الضغوطات عليه الاتصال والذهاب الى اقرب مركز شرطة لاجراء اللازم حتى لايتكرر الحادث مع اخرين.
واضاف معن: القانون يريد من يتعاون لفرضه لا ان يبتعد عنه ويريد حمايته دون معرفة مايحدث معه المواطن يجب ان يثق بالقوات الامنية وهي قادرة على حمايته. موضحا: انه من خلال هذا التعاون يتم القضاء على العصابات وهذه الزمرة المحتالة، مؤكدا على ضرورة الاتصال بالقوات الامنية في ذات اللحظة او بعد الوصول الى تفاهم من اجل تعقب هولاء والقبض عليهم.
الحظ يخدمه مرة واحدة
الاحداث هنا تستمر والنصب والاحتيال يتوسع في اغلب مناطق العاصمة بغداد لكن هذه المرة في حي الجهاد ومنطقة البياع قرب شقق حي السلام، عندما يضطر صاحب السيارة التي سوف يقع عليها الاختيار، التريث في سياقته بسبب وجود مطب صناعي يرمي شخص كبير بالسن جسده عليها ويصرخ بصوت عال جدا يجذب رجال القوات الامنية الواقفين في سيطرة امنية لكن الرجل الامني الذي كان مرابطا في برج المراقبة ينقذ السائق هذه المرة عندما يخبر الناس المتجمهرة لتنظر ماحدث والشرطة بان الرجل كاذب والسائق لم يقم بدهسه .
وللنساء نصيب بالنصب
لمياء يحيي موظفة في وزارة الزراعة تستقل سيارته يوميا اثناء الذهاب والعودة الى العمل، لم تكن بعيدة عن هذه المكائد اذ تروي: ذات نهار وانا عائدة الى بيتي، وعلى مقربة من الاشارة امرأة وثلاثة اطفال احدهم شاهدته متاهب للقفز الى الشارع تمهلت قليلا لكن السائق الذي خلفي ازعجني بالمنبه/ ما ان ضغطت على دواسة الوقود حتى قفز الطفل على مقدمة السيارة وتدحرج على الارض. مستطردة: ارتبكت كثيرا، ولم اعرف كيف اتصرف لدقائق واذ بمجموعة من الرجال يطوقوني والسيارة وسط زعيقهم وتهديدهم. اخذنا الطفل الى المستشفى احدهم اخذ اوراق السيارة وهويتي وتركوني بالسيارة. وسط ذلك اقترب احدهم مني وقال: (هولاء ناس لايخافون الله اعطيهم كم فلس وهس يتركونك احسن من بهذلة الشرطة) وهذا ما حصل بالنهاية بعد الاتصال بزوجي اذ دفعنا مبلغ (4) ملايين دينار دون ذنب.
الاحتيال فنون
أبرز أساليب الاحتيال بواسطة حوادث السير التي تسجل في مناطق بغداد وقوف المحتال قرب إشارات احد الشوارع العامة او التقاطعات والتي تفضل ان تكون قرب المستشفيات، من ثم يأتي الدور على اختيار الضحية بحيث يكون شخصا كبيرا في السن ومحترم أو من السيدات التي تريد الخلاص من هكذا اشكالات وان تكون سيارته من النوع الحديث منهم من يرمي نفسه على السيارة ومنهم من يتفق مع مجموعة اذ يقوم احدهم بضرب يده بالمرآة وبعد مسير السائق يتم اللحاق به من قبل آخر بواسطة سيارة تكسي أو غيرها وطلب التوقف وابلاغه بأنه قام بدهس احد الأشخاص والفرار وأنهم سوف يقومون بتقديم شكوى بحقه لدى الشرطة. ومن ثم إقناعه بإرسال الشخص إلى احد المستشفيات ولدى التوجه إلى المستشفى يتم اقناعه بعدم ابلاغ الشرطة حفاظاً عليه وخوفاً من توقيفه والطلب منه الانتظار خارج المستشفى وبعد ذلك يعود الشخص وهو يضع على يده "مجبسة" مع إحضار بعض صور الأشعة المزيفة ويتم طلب مبلغ مالي من الجاني مقابل عدم إبلاغ الشرطة ولدى الاستفسار من المستشفى يتبين أن الشخص لم يقم بالمراجعة وإن الجبس وهمي وان السائق وقع ضحية احتيال لهؤلاء الأشخاص او العصابة التي اخذت تتففن في اساليب الاحتيال وسرقة الناس بالعلن.
الحبس والسجن
طبعا للقانون وهذا ما عبر عنه الخبير القانوني علي السعيدي قائلاً:هناك اساليب عديدة يمكن ان تبعد الشبهات عن المجرم النصاب حيث الاتفاق مع الاطراف الاخرى مثل ما حدث لهولاء المواطنين المذكورة قصتهم اعلاه قد يكون التقرير الطبي صحيح وصادر من مستشفى وهنا يبقى القانون والخبراء والفحص الطبي هو يقرر الحقيقة التي تجعل من البريء خارج دائرة النصب والاحتيال والنصابين بيد العدالة. منوها الى ان المادة (456) رقم (111) لقانون العقوبات المدنية الصادر لسنة (1969) نصت على السارق يستخدم العنف والتهديد لسرقة ضحاياه، بينما النصاب يوظف الحيل والذكاء فقط للوصول إلى مبتغاه، لكن النصابين لصوص وإن كانوا لا يستعملون العنف في الغالب، بل يلجأون إلى حيل ذكية وماكرة تجعلهم يكتسبون ثقة وطمأنينة ضحاياهم، ان لكل نصّاب تركيبته ودوافعه وظروفه التي تدفعه لممارسة جرمه، فإذا كان النصاب في نظر الشرع مُذنبا وآثما، وفي نظر القانون مجرما تجب معاقبته، لذلك المادة (48) تقول: يعد شريكا في الجريمة: من حرض على ارتكابها فوقعت بناء على هذا التحريض. من اتفق على غيره على ارتكابها فوقعت بناء على هذا الاتفاق. من اعطى الفاعل سلاحاً او آلات او أي شيء آخر مما استعمل في ارتكاب الجريمة مع علمه بها او ساعده عمداً بأي طريقة أخرى في الاعمال المجهزة او المسهلة او المتممة لارتكابها.
تبديل السيارة
الاحتيال لم يتوقف عند عمليات الدهس المصطنع بل تعداه الى السيارات ذاتها، اذ يقول احمد لطيف: بالقرب من الاشارة الضوئية في تقاطع سينما بغداد الجديدة، وقبل توقف الاشارة بلحظات واذا بسيارة تصدمني ، وبعد ان فتحت الباب كي ارى ما حدث واذ بشخص يرمي "سويج" السيارة على مقدمة سيارتي قائلا: اريد سيارة بدل عنها. لم استوعب الامر في البداية، ومع تدخل رجال الشرطة ورجال المرور وبعض الخيرين الا أن الشخص مصر على موقفه، لابل اتصل بأهله الذي حضروا بدقائق، وبعد حديث من هنا ومن هناك، دفعت (3) ملايين دينار على ضرر بسيط بمقدمة سيارته يكلف اذ تم اصلاحه اكثرمن (100) الف دينار ان لم يكن اقل من ذلك.
حكايات الاحتيال والنصب تستمر مع استمرار التغييرات الاجتماعية والانحدار الاخلاقي الذي يعاني منه البعض ، الامر الذي جعل الكثير من الناس خاصة ممن وقعوا صيدا لهكذا حالات التريث كثيرا قبل الخروج الى الشارع بسيارتهم.
مقالات اخرى للكاتب