من صاحب المصلحة في تدمير الآثار التي يؤديها عناصر داعش ومن قبلهم اسلافهم في تنظيم القاعدة ؟، ان الآثار لاتشكل لهم اي عائق حربي او عقائدي او اقتصادي ،بل بالعكس فتدميرها يحتاج منهم جهد ووقت هم في غنى عنه كما انه وسيلة دعائية عكسية حيث تظهرهم كمجاميع غوغائية لايسلم منها حتى أحجار سالف الزمان !
المستفيد الوحيد من عمل داعش هذا هم أولئك الذين لديهم عقد مع التاريخ ، أولئك الذين يشعرون ان بلدانهم لاتاريخ واضح لها وبالتالي فلكثر ما سمعوا من الآخرين ارجوزة التاريخ هذه سئموا كل مايمت للتاريخ بصلة حتى ولو كان أحجار صماء تنتصب في العراء .
تاريخ امريكا والهنود الحمر :
عاش الهنود الأمريكيون في قارة أمريكا منذ سنة 8000 ق م، وكوّنوا ثقافات وشعوب عديدة، فلاحون أو صيادون حسب المكان. لكن تاريخهم الطويل لا يعتبر جزء من تاريخ الولايات المتحدة في معنى الكلمة، لأن حدود الولايات المتحدة لم تكن موجودة، ومؤسسوا ما نسميه الولايات المتحدة أتوا بعد ذلك من أوروبا.
فمثلا أمريكا معروف عنها انها لاتستطيع التحدث الا عن تاريخ قريب هو تاريخ المغامرين الذين خاضوا حروبا ً غير متكافئة ،اذ كانوا يمتلكون السلاح الحديث وقتها ،بينما الهنود الحمر ،أصحاب البلاد الأصليين كانوا لايمتلكون سوى السلاح البدائي ،فكان مادة تاريخهم هو القضاء على الهنود الحمر والجلوس مكانهم .
يبدأ تاريخ الولايات المتحدة منذ عام 1783 بعد حرب الاستقلال، وقد خرجت من هذه الثورة برقعة محدودة 13 ولاية وقوة بشرية لا تزيد على الأربعة ملايين، وكانت تلك النواة التي نمت بسرعة هائلة لتصبح أعظم قوة في العالم وأغناها في خلال 150 عاما، وما زالت تحتفظ بتفوقها وقوتها منذ أكثر من خمسين عاما.
انطلقت الولايات المتحدة من نواتها باتجاه المحيط الهادئ على حساب السكان الأصليين من الهنود الحمر، واشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 واستولت على فلوريدا من إسبانيا عام 1819 وضمت تكساس من المكسيك عام 1848 واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة أن تتحول من دولة صغيرة متشرنقة على سواحل المحيط الأطلسي إلى دولة قارة تسيطر على المحيطين الأطلسي والهادئ، وبدأت اتحادا كونفيدراليا قبل أن تتحول إلى فيدرالي، وساعد بساطة التركيب الجغرافي على قيام ونجاح هذه الدولة المتسعة، وهكذا فإن حدودها الحالية قد تشكلت واستقرت قبل أقل من 150 سنة .
تاريخ الصهاينة وفلسطين :
وبصورة مشابهة بشكل كبيرة ،يطابق ذلك ما يشعر به الصهيوني الذي لايزال الى يومنا هذا يكتب تاريخه بصورة مشابهة للأمريكي وبمساندة هائلة منه ، حيث يستخدم الصهاينة أحدث أنواع السلاح في الترسانة الأمريكية لأغراض الأستيلاء على المزيد من اراضي العرب ومحاولة القضاء عليهم نهائيا ً كما فعل صديقهم الأمريكي مع الهنود الحمر من قبل .
ودويلة اسرائيل أقيمت على أرض فلسطين التاريخية بعد حرب 1948 أو النكبة في قلب الشرق الأوسط، ومع رفض العرب لقرار عصبة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب ،غير انهم فقدوا الخيط والعصفور بعد ذلك واستولى الصهاينة على اراضي من الدول العربية المجاورة بعد ذلك .
واليوم تثبت العديد من الوقائع والشواهد ان كل من امريكا واسرائيل مشتركة في ولادة داعش ،وساندتها للوقوف على قدميها ومن ثم الأنتشار في دول العرب والأسلام ،وما تؤديه داعش من ادوار ،وتحطيم الأثار جزء منها ، هو ضمن توجيه وتخطيط الدول التي استولدتها وامدتها بالدعم .
مقالات اخرى للكاتب