منذ نعومة اظافري وانا متيم بجهاز صغير يسمى الراديو . وكنت معجبا به ، هذا الجهاز الذي ساهم بشكل كبير في تنشيط المعلومات الثقافية والعلمية والرياضية ، يبدو انه اصبح الان ذكرى من ذكريات عديدة ذهبت مع مرور الوقت ،
في عام 1895 م تمكن الايطالي غوليلمو ما ركوني من اختراع جهاز الراديو . وبعدها تم تأسيس الاذاعات المحلية والدولية والتي تبث مختلف البرامج ، وتعتبر محطة K.D.K.A الأمريكية والتي تأسست عام 1920 هي اول اذاعة في العالم ثم اذاعة البي بي سي محطة الإذاعة البريطانية التي أنشئت عام 1922 ، ذهل العالم بهذا الانجاز الكبير فالجلوس في المقهى او المنزل لسماع الاخبار والبرامج الاذاعية اصبح سمة من سمات العصر الجديد ، فضلا عن متابعة الاخبار واهم التقارير العلمية والثقافية والاطلاع على ثقافات الشعوب ، ومع مرور السنين اخذ طابع البرامج الاذاعية في التقدم
شيئا فشيئا من الخدمة الاخبارية المتواصلة على رأس كل ساعة الى اخبار الرياضة واللقاءات الاذاعية فضلا عن المسلسلات وبرامج الاطفال ، اما في العراق فقد تأسست اذاعة بغداد في الاول من تموز عام 1936 وسط بهجة وفرح بين الناس حيث كانت اغلب البرامج تذاع على الهواء . وكان طول الموجة التي تبث عليها اذاعة بغداد هي 391، و767 كيلو سايكل وكان المنهاج لذلك اليوم هو: 8.00 تلاوة القرآن الكريم من ملا مهدي. 8.15 نشيد مدرسي. 8.30 مغنى والات من السيدة فتحية أحمد. 9.20 نشرة الأخبار. 9.40 حديث عن السل عند الاطفال. 10.10 منتخبات من الاسطوانات الشرقية. 10.30 موسيقى الجيش. 11.00
ويعتبر المذيع محمد عبد اللطيف من اوائل المذيعين الذين عملوا في اذاعة بغداد ،وبدأ الناس في متابعة البرامج بشكل يومي وقد اخذت برامج bbc العربية و مونتي كارلو الاخبارية الحيز الاكبر لأغلب مستمعي العالم العربي في مطلع الثمانينات خصوصا مع تعدد الاحداث العالمية حينها والتطور الهائل في صناعة البرامج على الرغم من وجود التلفاز، وفي مطلع التسعينات بدأت الشركات بتطوير اجهزة البث الفضائي والعمل على تأسيس قنوات فضائية تصل برامجها الى اغلب دول العالم عبر جهاز الستلايت وبالفعل قد احدث ذلك التطور المثير ثورة كبيرة لدى اغلب وسائل الاعلام
، وبدأت الدول بإدخال اجهزة استقبال القنوات الفضائية الى بلدانها ومن ضمنها دول المنطقة العربية ماعدا العراق حيث منع استخدام هذا الجهاز لأسباب سياسية ، وبعد احداث التاسع من نيسان عام 2003 ودخول العراق ضمن الفضاء الديمقراطي، حل الستلايت ضيفا جديدا على اغلب بيوت العراقيين الذين كانوا على تواصل مع العالم الخارجي من خلال الراديو في وقت سابق ، وكان لدخوله الاثر البليغ في ترك اجهزة الراديو ملقاة على الرفوف مليئة بغبار السنين ، لكن مع تقدم التكنلوجيا العصرية تبقى البرامج الاذاعية محل اهتمام المستمع الجاد والملم في الاستفادة من
المعلومات الثقافية والاجتماعية لكونها تحتوي على ابرز مقومات الرصانة الفكرية فضلا عن عدم تأثيرها على النظر ،بل تشير بعض الدراسات العالمية الى ان الاستماع الى البرامج الاذاعية يثير اهتمام المستمع بشكل اكثر من مشاهدته لجهاز التلفاز ، ومن هذا وذاك بات علينا كمثقفين ومستمعين الحفاظ على هذا الموروث الكبير والصديق القديم ، من خلال متابعة البرامج الاذاعية المفيدة والتي من شأنها ان تعيد بريق الثقافة الى عقولنا وان نحافظ على هذه السلالة النادرة من خطر الانقراض .
مقالات اخرى للكاتب