في "لاتيفيا" ذلك البلد الصغير ذي المليوني نسمة العضو في الاتحاد الاوربي منذ العام 2004، يتقدم رئيس الحكومة "فالديس دومبروفسكيس" باستقالته الى رئيس الدولة "أندريس برزينس" (الحاضر وليس الغائب مجهول المصير) الذي كان قد وصف الكارثة التي هزّت البلاد واستقال رئيس الحكومة على إثرها بأنها "جريمة قتل".
فما هو نوع "الكارثة" التي دعت رئيس حكومة لاتيفيا تقديم استقالته؟
ليس لأن عشرات اللاتيفيين يُقتلون يوميا بالتفجيرات وبالكواتم او يُخطفون وتعثر الشرطة بعد مدة على جثثهم في مكبات النفايات. ولا لأن الأُسر اللاتيفية تنتظر فقدان شخص كل ساعة. ولا لأن أجهزة كشف المتفجرات التي ابتيعت بملايين الجنيهات الاسترلينية اُكتشف بعد قليل من شرائها أنها مجرد لُعب أطفال. ولا لأن المليشيات تستعرض في شوارع المدن اللاتيفية وفي العاصمة "ريغا" وحضرها كبار المسؤولين وبحماية الأجهزة الأمنية. ولا لأن اللاتيفيين يتعرضون الى التهجير من قبل المليشيات او يُرغمون على النزوح تحت التهديد بالتصفية الجسدية هم وعوائلهم ان لم يستجيبوا لتهديداتهم. ولا لأنهم يتعرضون للخطف وللابتزاز. ولا بسبب مضايقة الأقليات لإرغامهم على الهجرة من موطنهم الاصلي ومن مدنهم. ولا لأن المليارات تُسرق والثروات تُنهب ومشاريع البناء وإعادة الاعمار معطلة او انها مجرد خرائط صماء لا وجود لها على الارض. ولا لأن الفساد في "لاتيفيا" يشكل ظاهرة وعجز رئيس الحكومة عن ملاحقة الفاسدين او تستر عليهم. ولا لأن رئيس حكومة لاتيفيا يعلن دائما انه ممسك بملفات فساد وإرهاب لخصومه السياسيين ويحتفظ بها في أدراج مكتبه وحين ضغط عليه الاعلام زعم أنها غير مكتملة او ان الشهود يرفضون مساعدته من اجل احالتها الى القضاء فأحس بالإحراج والخجل. ولا لأن 6 ملايين لاتيفي يعيشون تحت خط الفقر بنسبة 25.6% ويشكلون ربع عدد السكان فعدد سكانها لا يتجاوز المليونين ونصف اصلا فمن اين جاءت المنظمات الدولية المتآمرة التي تنفذ اجندات خارجية بهذه الاعداد..!؟ ولا لأن معدلات البطالة بين الشباب اللاتيفي تصاعدت حتى بلغت 30%. ولا لأن الامية بين الشباب تتفاقم فتبلغ 74%. ولا لأن في لاتيفيا "من 90-100 امراءة تترمل في كل يوم حتى بلغ عددهن 8 ملايين ارملة وتشكل 35% من عدد النفوس ونسبة 65% من عدد النساء، ونسبة 80% من النساء المتزوجات بين سن العشرين والاربعين". ولا لأن عدد الايتام يزيد عن اربعة ملايين يتيم وان هذا العدد يعادل "سكان خمس دول عربية هي جزر القمر وجيبوتي وقطر والبحرين والامارات العربية المتحدة" ورعايتهم تفوق قدرات حكومته. ولا لأنه أهان متظاهرين سلميين حين وصفهم بـ "بالفقاعة وتوعدهم بإنهائهم أن لم ينتهوا. وفتشنا في السجل الشخصي للرجل فلم نعثر له على ولد اسمه احمد جعل منه سلطة فوق جميع السلطات. ولا أَغرقت عاصمتهم "ريغا" صخرة كما اغرقت اليمن السعيد في الماضي السحيق فأرة.
اكتفي بهذا القدر فهناك الكثير مما يصعب احصاءه او الاحاطة به.
كل ما في الامر ان بناية مركز تجاري (سوبر ماركت) انهارت في العاصمة "ريغا" وقتل 54 شخصا فقط. قضاء وقدرا وليس بفعل فاعل او استهداف من احد.
نكرر 54 ضحية فقط كي لا يظنن احد من القراء ان اصفارا على يمين العدد سقطت سهوا او بسبب خطأ طباعي.
مقالات اخرى للكاتب