في لقائه المحافظين الاربعاء الماضي بدا المالكي محبطا مستسلما بعد ان كشف نظام "سانت ليغو" عن الحجم الحقيقي للكتل الكبيرة التي كانت تبتلع اصوات الكتل الصغيرة فتحولها لمصلحتها الى مقاعد في المجالس المحلية وفي مجلس النواب. كان الحديث رثاء مرا لنظام التوزيع السابق. حتى انه توقع عدم استقرار الحكومات المحلية نتيجة "النظام الانتخابي الذي جزّأ الفوز لكتل صغيرة". (هل هو مجرد توقع فعلا...!؟)
في حديثه معهم كان يخوّفهم من المستقبل ومن أعباء ربما واجههوها ولا يمكنهم حملها. ضَخَّمَ الامر عليهم حين قال: ان "الدورة المقبلة ستشهد حل بعض الوزارات كالتربية والبلديات والصحة والعمل والشؤون الاجتماعية". تساءل قائلاً: "هل تستطيعون تحمل هذه المسؤولية"؟
الرجل مارس التعليم في مرحلة مبكرة من حياته. قد يكون نسي انه امام محافظين منتخبين فازوا باصوات ناخبيهم الذين وضعوا ثقتهم فيهم. وربما تصور نفسه تلك اللحظة انه في صف مدرسي وان من يخاطبهم هم تلاميذ يجب توجيههم وتعليمهم. لكأني به ماسكا عصاه وهو يُلَوّح بها امام طلبة ساءه ان ينجحوا بينما اخرين تعب عليهم كثيرا وصرف عليهم المليارات وقَدّم لهم دروسا خصوصية ومع هذا لم تؤهلهم درجاتهم الامتحانية للنجاح ورسبوا من الدور الاول.
ولأن البرلمان أقر قانون توسيع صلاحيات المجالس المحلية، لم ينس المالكي ان يذكرهم بأن دورهم لن يتجاوز تقديم الخدمات ويحذرهم من التفكير باستخدام صلاحياتهم "وترك القضايا السيادية للحكومة الاتحادية" لانه لا يريد "ثمانية عشر دولة"..!
ولكي يذكرهم بالاعباء التي تنتظرهم فعليهم "الاستعداد لتحمل المسؤولية في مجال التعاقدات واستيراد البطاقة التموينية".
وكان اكثر ما اثار العجب بكلمته تلك، نصيحة اسداها للمحافظين الجدد هو احوج ما يكون اليها حين قال: "أدعوكم للاستعانة بمستشارين من اصحاب الخبرة والتجربة وليس من الأقرباء لأنهم سيفشلونكم". هل كانت تلك النصيحة استدراكا متأخرا؟ هل أقر المالكي أخيرا ان تعيين الاقرباء يؤدي الى فشل الحكومات؟ أم هي شماعة جديدة يعلق عليها فشل حكومته؟ القرابة ليست بالضرورة قرابة الدم فمكتب المالكي يعج بمستشارين ومساعدين وموظفين من ذوي القرابة الحزبية.
الكلمة التي القاها قد تكون مقدمة لما سينتظر مجالس المحافظات التي اضحت خارج قبضته. الرجل يتحدث وكأنه يعلم سلفا ان الفشل سيكون من نصيب تلك المجالس. هل هي رغبة مكبوتة؟ امنية يرجو ان تتحقق ليشمت بالكتل التي كانت لا تمل من اتهام محافظي حزب الدعوة السابقين بالفشل في ادارة المحافظات واستلموا الامر اليوم؟
قد يكون كل هذا او أمرا آخر لا نعلمه ويعلمه رئيس كتلة "دولة القانون".
مقالات اخرى للكاتب