لم يكن يخطر على بال قادة الكرد يوما ان تنقلب الاحزاب الشيعية الحاكمة عليهم وعلى شعبهم بهذه السرعة، وتتحول فجأة من صديق متحالف الى عدو لدود، يتآمر عليهم ويتنكر لهم ويأخذ منهم موقفا سلبيا غاية في السوء، لو ادرك هؤلاء القادة حجم الحقد والكره الذي تضمره هذه الاحزاب لشعبهم وقضيته العادلة، لما وثقوا بها كل هذه الثقة وساعدوها على تولي الحكم في العراق، على امل"واه"ان تبادر بالمقابل الى تحقيق بعض مطالب الكرد المشروعة في اعادة اراضيه المغتصبة وازالة اثار العدوان العراقي من خلال تطبيق مواد الدستور وفي مقدمتها المادة 140، ولكن كانوا واهمين، فبعد ان ترسخت حكم هذه الاحزاب و تمكنت من اضعاف القائمة العراقية"السنية"في صراع غير متكافيء، التفتت الى الاكراد واظهرت لهم الوجه الحقيقي الحاقد..وعندها ادرك هؤلاء القادة حجم الخطأ الذي ارتكبوه بحق القضية الكردية والخداع الفادح الذي تعرضوا له من قبل هذه الاحزاب ووعودها الزائفة ولكن بعد فوات الاوان، وكانوا يستطيعون ان يمارسوا عليهم ضغوطا حقيقية ابان تأسيس الدولة العراقية عام 2003، لارغامهم على تنفيذ مواد الدستور والاتفاقات التي الزموا بها انفسهم، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، وكذلك لم يقوموا بالضغط عليهم لتقديم اعتذار الى الشعب الكردي على الجرائم الوحشية وعمليات الابادة التي ارتكبتها الحكومات العراقية المتعاقبة المجرمة بحقه، وتركوا الامور المصيرية بيد حكام الشيعة"الاصدقاءالمتحالفين"وتحت رحمتهم ووفق اهوائهم السياسية، ورغم عدم تلبية حكام بغداد الجدد لاي من المطالب الكردية الرئيسة لحد الان، فقد واصلوا تصعيدهم العدواني السافر ضد الاكراد واظهروا لهم حقيقتهم الحاقدة التي اضمروها سابقا"تقية"وبرهنوا انهم ليسوا بافضل من قادة حزب البعث العربي وتوجيهاتهم الشوفينية، ان لم يكونوا اسوء منهم، سياستهم لا تختلف كثيرا عن سياسة حزب البعث الاستعماري في تعريب المناطق الكردية التي تسمى ظلما وعدوانا بالـ"المتنازع عليها"..وكنت قد طلبت من القادة الكرد عام 2005 في مقال نشرته في احدى الجرائد العربية بممارسة الضغط على الحكومة العراقية الى تقديم اعتذار رسمي الى الشعب الكردي باعتبارها الوريثة الشرعية للحكومات العراقية السابقة التي قامت بارتكاب هذه المجارز الفظيعة ضده، ولكن اذن من طين واذن من عجين، لم يسمعني احد، وانشغلوا بامور شخصية تافهة..والان بعد مرور اكثر من عشر سنوات على حكم الشيعة، تقدمت حكومة اقليم كردستان بطلب الى الحكومة المركزية بتعويض الضحايا لغاية 2003، ولو ان طلبها جاء متأخرا جدا، ولكنه حق شرعي، لابد ان يتحقق، وذلك لكي تجبر الدولة العراقية على دفع التعويضات وترتدع عن غيها ولا تعود الى الجرائم التي ارتكبتها بحق الانسانية، فلو عاقبها المجتمع الدولي على جرائمها السابقة في قصف مدينة"حلبجة"بالكيمياوي وقيامها بابادة لـ 180 الف انسان في عمليات انفال الظالمة وهدمها لـخمسة الاف قرية كردية في الثمانينات من القرن الماضي، وجرائم اخرى اخلاقية يندى لها جبين الانسانية، لما اقدمت على غزو الكويت عام 1991 واستهترت بالقوانين الدولية..ان اصرار حكومة"المالكي"الطائفية على تجاهل هذه القضية المهمة، ورفضها تقديم اعتذار للشعب الكردي وما يتبعه من دفع تعويضات لاهالي الضحايا، يؤكد شيئا واحدا وهو انها لا تختلف عن الحكومات السابقة في طبيعتها الاجرامية ولها استعداد في تكرار تلك المأساة، والدليل على ذلك، انها مازالت تحشد قواتها الغاشمة"عمليات دجلة"على حدود كردستان وهي على اهبة الاستعداد لاقتحامها.. وما زالت ازلامها ترفض الاعتراف بهذه الجرائم وتعتبر المطالبة بالتعويضات"غير منطقية، وغير معقولة"و"مرفوضة"كون"جميع ابناء الشعب العراقي عانى من ظلم الانظمة المتعاقبة على العراق وليس الكرد المؤنفلين وحدهم"بحسب عضو ائتلاف دولة القانون ومستشار"المالكي"(سامي العسكري) الذي هدد الاقليم"بقطع واردات الاقليم في حال اقتطع تعويضات متضرريه من وارداته النفطية"، و هو منطق قادة الشيعة المتعجرفين ضد الاكراد وغيرهم، كله تهديد ووعيد بقطع الارزاق والاعناق والتلويح بالعمل العسكري، بدل ان يعتذر هذا المستشار ويطالب "المالكي"بالاعتذار عن جرائم ارتكبها بنو جلدته ضد الاكراد، راح يراوغ ويهدد ويسوق تبريرات واهية للتملص من المسؤولية، فهل كان المجتمع الدولي يقبل من"الالمان"حكومة وشعبا تبريرهم لجرائم حكامهم النازيون بحق"اليهود"بحجة انهم تعرضوا لنفس ما تعرض له"اليهود"؟ سؤال اضعه امام هذا النائب وامام العراقيين ليحكموا بانفسهم ان كانوا منصفين، فما الفرق بين"اليهود"الذين مازالوا يأخذون تعويضات مادية من الحكومة الالمانية عن الاضرار التي لحقت بهم وبين"الاكراد"الذين ما زال ينظر اليهم في العراق"كعبيد"لا يحق لهم المطالبة بالاضرار، ولا بتلقي الاعتذار... حكم قرقوشي غاشم!