لم أجد وطناً اضاع دماء بنيه مثل العراق،قطة تأكل أولادها وتقرأ الفاتحة عليهم بعد أن تنظف أسنانها من لحومهم وشحومهم، الشهداء في العراق كرة تتقاذفها أرجل الحاكمين، من أراد أن يعلن حربه الخاصة عليه أن يهيّا شهداءه!! بالطلب من العراقيين الانتقال من موضع لآخر، الناس على دين طغاتها،ماخرج منهم سوى الأنبياء والمصلحين، يحق للحاكم أن يمنح صك الشهادة بمعزل عن الله عزوجل، شهداء كل حرب خسرانين اذا تبدّل الحكم في العراق، اصبحت الشهادة أشبه بمقاعد السينما،اذا أردت أن تشاهد الفيلم عليك أن تجلس في المقاعد الأمامية، الناس يقدّسون السلطة ويعطون أهاليهم الى محارق الموت من أجل نيل نظرة من حاكم يتسيد في شاشة التلفاز كل يوم بمعدل 25 ساعة!، ليقينهم ان بعد هذه النظرة ابتسام.. فكلام.. فموعد ...فلقاء... وربما تقف بعد هذه الخطوات سيارة كرونهة موديل 81 او يتزوج والد الشهيد امراة ثانية على امه بمال الشهيد!!.
العراق مخزن الشهداء الذين يساقون الى حتفهم، الحروب لعبة الكترونية في حاسوب الرؤساء الضروريين والضريبيين، فقد العراقيون اختيارهم لطريقة الموت، فاصبحوا ضحايا الفكر القومي السياسي المتسيد، حرب ايران تركت العراق وايران عبارة عن جمهوريّتين، ومازالت كلاب القومية السياسية تطالب العراقيين بدفع الاتاوات من ارواح بنيهم الذين تعودوا على الخسارات الثقيلة بإسم الوطن الذي وقف يبيع دماءهم بمزادات الجامعة العربية.
كنت مدعواً لعشاء أحد الاخوة في مدينة الصدر(يوم كان اسمها مدينة صدام)، كان الحائط المصبوغ بالـ"سنوسن" ينث علينا بذرات الصبغ الاصفر،وكان هناك قطعة كبيرة من الكارتون المقوّى وعشيرة من الكلمات مرصوفة عليها بخط تعبان،ولكوني ابحث عن" شلعان القلب" فقد تركت كل ماحولي وسألت عنها فقال لي صاحب البيت:
-هاي رسالة اخويه الشهيد كريم،كتبهه قبل الهجوم وخيّط عليهه البدلة العسكرية،ومن جابوه النه فتشنه جثته ولكَيناهه....اتذكرها جيدا لانها محفورة في بالي منذ 25 عاما:
"السلام عليكم بوية،شلونك ان شاء الله بخير،اني عفتك مريض والتحقت وبقيت ببالي هواي،انت ماتدير بالك على روحك،شلونهه امي سلّم لي عليهه ادري بيهه هم مريضة،بوية باجر ياخذونه للهجوم واني راح استشهد فاريد اوصّيك لان ماعندي بس الله ورسوله واهل البيت وانته وتدري بيه اني مظلوم مثل غيري،اول شي دير بالك على روحك ولاتصير عصبي ادري بيك حارك اعصابك علمودنه،بوية الدنية ماتسوه وانته رجّال جبير ويمكن موتي راح يأثّر عليك فاحلفك بعلي بن ابي طالب لاتنقهر هواي عليّه، واريد اوصّيك هواي بأمّي، تخلص الاربعين اخذهه اشتريلهه عباية جديدة ودشداشة مو سوده خل تفك حزنهه وكلّلهه هاي وصية كريم ومن فلوس كريم مو منّي واذا تحبين كريم ذبّي الاسود لان آني ادري بيهه بقت لابسه أسود جم سنة على جدي الله يرحمه،بويه احلفك بالعباس لاتبسط اخوتي الزغار من يسوون وكاحه همه ماعدهم غير البيت يلعبون بيه، دير بالك على اختي رضية ولاتقهرهه، الولد زوّجهم خاطر تشوف ولدهم وانت عدل الله يطوّل عمرك، بوية ومن تجيكم جثتي، ودوني للجامع، وسلم لي على شيخ كاظم خلي يصلي عليّه ويدعيلي الله يغفر ذنوبي، بوية اني هواي عندي ذنوب، خلّوا جنازتي بجامع الرضا ع ساعتين لاتشيلوهه ، خلوني بالجامع الي طول عمري ماطبيته ولاصليت بيه لان اصحاب السوء اخذوني لغير طريق،خلي الناس تبريني الذمة لان اني مااذيت واحد، سلّم لي على عمامي، عمي صبار زعلان عليّه راضيلياه وبوسلي ايده وكَلّه هاي من كريم...الله وياك بوية وراح انتظرك بالقبر".
مقالات اخرى للكاتب