لست موسيقيا ولكني أتذوق الموسيقى الجميلة وأكره الموسيقى الصاخبة التي تثير الأعصاب وتوجع الألباب , ولكن حينما أسمع عـزفاً منفرداً نشازاً يخدش الأسماع , أعلم بأن المايسترو لم يُحسن إختيار أعضاء فرقته وإن هناك عضواً ضعيفاً فنياً أو يرتكب الأخطاء متعمداً لغاية في شعور هذا العازف أو في أنامله , الأمـر الذي يؤدي الى فشل المعـزوفة أو السيمفونية وإحراج المايسترو أو بعض العازفين المتمكنين من حرفتهم ومهارتهم التي تشنف آذان المستمع وتدخل السرور في القلب ويؤدي العزف الموحد الى نجاح باهر لكل الفرقة وراحة يجلبونها لجمهـور المستمعين تنال رضاهـم وتدغدغ مشاعـرهم , كذلك هي الحكومة العـراقية وأعضاءها , يجب أن يكون عزفها موحداً كما هو منتظر منها حتى لو جاءت من أحزاب مختلفة المشارب , متنوعة المآرب , إلا إنها حينما تصبح مجموعة في سفينة الحكم يجب أن تتعاون في دفع دفة السفينة الوطنية الى بر الأمان , فلا يمكن أن يصرح هذا الوزير بما تريد كتلته أو حزبه فهو هنا في هذه السفينة يمثل العراق ويجب أن يعمل من أجله وأجل شعبه بكل سخاء وإباء وإخلاص , يجب أن ينسى طالما هو وزيراً بالحكومة العراقية إنه عربياً أو كردياً , إسلامياً أو مسيحياً أو سنياً أو شيعياً لأن خدمة الوطن والشعب لا تحتمل هذه السواقي وإنما يجب أن يكونوا مصباً واحداً في مجرى الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية لكي يعم الخير في بحيرة الوطن دون شوائب أو أدران , طبعاً حينما أنظر من بعيد في منظومة الحكم من رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس الوزراء ونوابه ورئيس المجلس ونوابه , أرى إنهم لا يجمعهم جامع سوى المنصب أما الميول والإتجاهات فهي مختلفة وغير مؤتلفة إلا في الرواتب والنمنمات , لا أعرف ماذا يجمع المالكي والنجيفي وعلاوي ؟ وهم نوّاب لرئيس "تشريفي" ويكلفون الميزانية مبالغ طائلة في وقت يتطلب الحرص على أموال شعبنا وعدم التبذير والنفط وهو المورد الوحيد للعراق وأسعاره في هبوط مريع وسوف يخسر العراق أموالاً كثير لذا تخفيض الرواتب لكل من ليس له عمل حقيقي ينفع العراق ضرورة قصوى , وكذلك نواب رئيس الوزراء وهى نفس الوجوه التي لم تغادر مسرح السياسة وتؤدي نفس الأدوار ! فلماذا الهدر في وقت يتطلب التقشف , أما مجلس النواب بكل أعضاءه المبالغ في عددهم فرواتبهم أعلى بكثير مما يستحقون بناء على ما يقدمونه من خدمة للوطن والشعب , الكثير من الوجوه عادت وكإن الجيوب لم تمتلئ ! ويحز في قلبي أن أرى تغيير الأماكن فمثلاً بيان جبر الزبيدي من وزير للإعمار الى الداخلية الى المالية والآن وزيراً للنقل !! ما شاء الله عليه متعدد المواهب ومثل الطماطة يرهم على كل وزارة ! أما أن يكون وزير الخارجية لمدة 8 سنوات ليصبح وزيراً للمالية التي لا يفقه بها إلا إذا كان تداول الميزانية وتخفيضها والتلاعب بأرقامها يتطلب دبلوماسية فهذا بحث آخر كما هو مطلوب من السيد الخال هوشيار زيباري . وحتى لا أبعد كثيراً عن سيمفونية الحكومة وعزفها الموحد والمطلوب يجب أن يكون كل وزير عراقي قبل كل شئ , تتوحد المواقف في الخارج سواء في دول الجوار أو عند زيارة الأصدقاء والأحباب في أمريكا وبلاد الضباب , أما داخلياً فالموقف المطلوب والموحد والعزف على نوتة واحدة ضد الإرهاب الذي يُمسك بخناق العراق ويكاد يُزهق أنفاسه ويحتل مدن عراقية عزيزة مطلوب بدون أن ترمش عين أو يعلو حاجب لهذا الوزير أو ذاك وإلا فلا موقع قدم لكل من يشذ عن الجمع ويعزف على آلة لا تسر الأسماع , الإرهاب وعصابته الإجرامية المسماة " داعش" تهديد للجميع من كرد وعرب وتركمان , شيعة وسنة , مسلمين ومسيحيين وشبك وأيزيديين وصابئة , صغير وكبير , نساء وأطفال , شيباً وشبّان , أي الجميع في سفينة العراق مهدد بالغرق , عليه كلنا يجب أن تكون قلوبنا مع العراق وشعبه , لا أريد أن أقول إن الحكومة بوجوه أعضائها " تراهم جميعاً وقلوبهم شتى " بل أتمنى أن يكونوا ربابنة العراق نحو شاطئ الأمان لكي يستطيع شعبنا أن يرفل بالسعادة بعد طول عـنــاء وحزن وعذاب ومآسي وشقاء و هذا واجب وعليه تقبضون رواتبكم المليونية في زمن عصيب
مقالات اخرى للكاتب