عندما تأتي ذكرى واقعة الطف كل عام تثير فينا الكثير من الأحزان والعبرات ولكن في نفس الوقت تشحذ فينا الهمم برفض الظلم والإستبداد والفساد , لذا حينما خرج الإمام الحسين بن علي " ع" في طريق طويل نحو الكوفة مركز حكم والده الإمام علي بن أبي طالب " ع" وهو الخليفة الرابع والذي واجه التمرد والعصيان والتآمـر أدخلته في حروب هنا وهناك من حرب صفين والنهروان ومعركة الجمل وكلها حروب ليس من أجل الإسلام وإنما للإستحواذ على الحكم وبكلمة أخرى الإنقلاب في مصطلح وقتنا الحاضر وأنتهت حياته المفعمة بالنُبل والشجاعة ونكران الذات والعلم الغزير على يد متآمر أشـر وهكذا الأمام الحسين والذي ترعرع في بيت النبوة ورأى كيف أغتصبت العصابات الأموية السلطة وعاثت فساداً في البلدان التي حكمتها لم يسكت ورفض أن يبايع هذه السلطات الغاصبة مثلما تفعل عصابات " داعش" وقتنا الحاضر حينما تُجبر الناس على مبايعتها وإلا فالقتل بإنتظارهم , سار الأمام الحسين بعد أن جاءته رسائل أهل الكوفة بأن إقبل وصدقهم وهو الرجل الذي يأبى أن يكون خانعاً للسلطات المستبدة والظالمة و ما قوله " هيهات منّا الذلة " إلا رفضاً لكل نهج ظالم يجب أن نسير عليه في حياتنا الحاضرة , ولكن السلطات كانت من الذكاء والحقد والظلم بحيث أغـرت أهل الكوفة بالمال فتفرقوا عن الإمام الثائر وحين وصوله الى مشارف الكوفة لم يجد غير جيش إبن زياد وعلى رأسه الحاقد عمر بن سعد , فبعدما الناس كانوا معه تخلوا عن مبادئهم نظير دراهم معدودات وأصبحت " قلوبهم معه وسيوفهم عليه" أي ناس هؤلاء الذين يبيعون المبادئ نظير المال وهم يعرفون بأن الأمام الحسين سليل محمد "ص" وإبن بطل الإسلام وسيفه الكرّارالإمام علي جاء بناء على دعوتهم فكيف ضعِفَت نفوسهم وقَلّت شهامتهم وباعوا دينهم بدنياهم نظير المال ؟! ولكن الإمام الحسين واصل المسيرة غير عابئ بسلطة الأمويين المستبدة وتهديداتهم , الإمام الحسين وفي مثل هذا اليوم قبل 1350 عامـاً لقى مصرعه بل أستشهد كبطل ومعه أهله وأصحابه ولم يَجْبُن في مواجهة الأمويين لأنه يحمل مبادئ لم يحِد عنها , لم يخرج لطلب السلطة بل رأي أعوجاج أبى أن يرضى عنه ويسكت ويعلم بأن " الساكت عن الحق شيطان أخرس" وهكذا أصبح أستشهاد الإمام الحسين وأهله وصحبه الشجعان وسبي أهله من النساء وعلى رأسهم إخته زينب الى رأس الفساد يزيد بن معاوية ووقوفها بكل شجاعة بوجه الطاغية كل هذا يعطينا دروساً وعِبَر في مواجهة الظلم والظالمين في وقتنا الحاضر , حيث يكثر الظالمون والمستبدون والقتلة المجرمون , سلام على الحسين وأهله وهم يضحون بإنفسهم في سبيل أن يكون الحق والأخلاق و الحكم الصحيح النابع من الإسلام الحقيقي هو ما يجب أن يكون عليه, الإمام الحسين لم يكن للشيعة فقط وإنما للمسلمين جميعاً بل كان نبراساً حتى لغير المسلمين وهذا مهاتما غاندي الهندي والهندوسي يقتبس من ثورة الإمام الحسين " كيف يكون مظلوماً فينتصر" ولم يعرف في ذلك الوقت من مذاهب ما أنزل الله بها من سلطان مثلما نجده في وقتنا الحاضر من تشتت مذهبي بل ديني وتكفير للآخر!! , حيث المبادئ تباع مثلما باعوا أهل الكوفة مبادؤهم , علينا وفي وقتنا الآني أن نأخذ من ثورة الإمام الحسين دافعاً للقضاء على الإرهابيين الذين يقتلون أهلنا في المدن العراقية وإن لا نتركهم وحدهم يجابهون وحشية ما يسمى " داعش" هذه العصابة التكفيرية المجرمة , إن مجابهة الظلم والقتل وعدم الجلوس نبكي فقط وندمي الرؤوس ونقول بينما الظلام يخيم على عراقنا والظلم يسود في مدننا والخطر يداهمنا , إجعلوا من ثورة الحسين ثورة جديدة , جددوها بمجابهتكم عصابات داعش , جدْدّوها برفضكم الفساد والفاسدين و لا تجلسوا و أنتم تندبون الحسين وكإنه قُتِل غيلة بل قُتِل وهو يجابه الظالمين بكل شجاعة وإباء وضحّى بنفسه لكي تشرق شمس الحرية ويسقط الظلم والفساد , لذا عليكم أن تتحدوا في صد الهجمة التكفيرية لكي لا ينتشر ظلم الإنسان لأخيه الإنسان من جديد , هذه الثورة الخالدة يجب أن تعطيكم الهمة والحافـز والشجاعة للقضاء على الأمويين الجُـدد , و أنتم تقاتلون الإرهابيين عليكم بصرخة الإمـام الحسين وأنتم في طريقكم للقتال " هيهات منّا الـذلــة" .
مقالات اخرى للكاتب