الغاية تبرر الوسيلة, مبدأ أتبعه العتاة والطغاة لمليء رؤوس فارغة بفتاوى الدخول الى الجنة, والحلم بعشاء مع خاتم الرسل (عليه وعلى اله الصلاة والسلام), وثمن هذا العشاء الفاخر أرواح الأبرياء, أماني الشيطان تلك هي نتاج عروش مهددة, راحت تبحث عن أمان في تلك الفتاوى السفيهة, وتغرسها في عقول ونفوس أكثر سخفا وسفاهة, فتلك المسستقعات الضحلة تعج بضفادع تنقنق ليلا, وتختفي مع بزوغ شمس الثورات.
الحديث عن حرمة زيارة أضرحة الائمة (عليهم الصلاة والسلام), وفتاوى القتل والتكفير والتفخيخ التي يطلقها القتلة , أنما تقف خلفها أبعاد أخرى وسيناريوهات أعدت في أروقة القصور المظلمة, هناك حيث تعد كؤوس الخمور, وتعقد ليالي الفسق والفجور.
يدرك كل من يعرف مراسيم زيارة المشاهد المقدسة أن الزائر لا يتعبد القبور, بل أنه يؤدي مراسم زيارة, تشبه ما يفعله الزائرين لخاتم الرسل (عليه وعلى اله الصلاة والسلام) في المدينة, فلماذا تصدر فتاوى التحريم والقتل بحق زوار أهل البيت (عليه السلام )؟
أن حقيقة الخشية من زيارة شهداء كربلاء أبعد مما هو علن, فمن يقف على تلك المشاهد المقدسة لا يتعبد بقبر, أو يقف على تراب أو عظام, بل هو يقف على ما يهدد عروش الطغاة, وعجول منحت لنفسها القدسية, وتربعت على عروش السلطة, فأصبح كل منها نسخة طبق الأصل من عجل السامري! وكل واحد من تلك الأصنام البشرية يخشى على المعطيات والمكتسبات التي وصل اليها.
كربلاء أكبر من مجرد أضرحة, أنها ثورة بعنوانها الكبير "هيهات منا الذلة", "مثلي لا يبايع مثله", "الموت أولى من ركوب العارِ", "أن لم يستقم دين محمد الا بقتلي فيا سيوف خديني", "أني زاحف بتلك الأسرة الصغيرة ,على قلة العدد وخذلان الناصر" "كد كيدك واسع سعيك, فو الله لن تمحو ذكرنا".
هذا ما تمثله كربلاء, دماء تقلع عروش الطغاة, وتطيح برؤوس الأصنام, ثورة من طراز آخر, حيث تتغير موازين القوة, وينتصر المقتول على القاتل.
الثورات تقمعها القوة ويحكمها الحديد والنار, وغالبا ما تتفوق عليها القوة, لكن في معركة الطف خضعت القوة أمام الصبر, وفتح سيد الشهداء( عليه السلام) باب العطاء على مصراعيه عندما قدم قرابينه للسيوف, من مختلف الأعمار بدءاً من شيخ رفع حاجبيه بالعصابة, وأنتهاءاً برضيع عمره 6 أشهر.
بعد ذلك جاد أبي الضيم (عليه السلام) بنفسه, وبقي يعطي حتى سلب منه ردائه وقطع أصبعه الشريف, وسحقت سنابك الخيل أضلاعه المقدسة, ثم بدأ مشوار عطاء آخر نهضت به الحوراء وبنات النبوة وزين العابدين (عليهم السلام أجمعين), فعليل سيد الشهداء, كان له نصيب آخر من العطاء والعذاب والصبر.
لم تتفوق القسوة والقوة على الثورة, ولم تنتصر السيوف على الرقاب الغضة, فقد أطاحت رؤوس الشهداء بمقصلة الجلاد, وتفوق الصبر على الألم, لذا يبقى الق ثورة كربلاء وواقع أنتصارها يهدد عروش الطغاة, لأن الدكتاتوريات قائمة على القوة والقمع, والثورات ترتكز على العطاء والصبر, ومعركة الطف غيرت تلك المعادلة فالقتيل صار حاكما للعالم بأسره, والأسيرة أذلت الحاكم, وهزت أركان عرشه.
لهذا تمثل ثورة الحسين (عليه السلام) مصدر خوف لكل طاغية مهما كان مذهبه شيعيا كان أو سنيا, فتجربة ما بعد 2003 في العراق أفرزت طغاة من صنف آخر يدعون التشيع في الظاهر, ويحاربون ثورة سيد الشهداء في الباطن.
أما طغاة الوهابية والسلفية, فهم يصدرون الفتاوى بحق زواره, ويقبلون أيادي أسيادهم في تل أبيب, ويشاركونهم كؤوس الخمر, ليحظوا برضا حاخام في الكنسيت أو عضو في الكونغرس, سيبقى الحسين (عليه السلام) وثورته الخالدة مصدر خوف لكل ديكتاتور, يروم أستعباد الأحرار, ويخطط لبناء دولته على أشلاء الأبرياء, وهذا ماعبر عنه الجواهري, في قصيدته الخالدة , "تعاليتَ من مُفْزِعٍ للحُتوفِ ,وبُـورِكَ قبـرُكَ من مَفْـزَعِ.
مقالات اخرى للكاتب