ظهر هذا المصطلح في نهاية الثمانينات مع بداية تفكك الاتحاد السوفييتي حيث أستخدمه لاول المرة محلل السياسات الستراتيجية الكاتب و الخبير الامريكي في الشئون العسكرية وليام ليند ثم البروفيسور ماكس مانوارنج Max Manwaring
أستاذ الدراسات العسكرية في معهد الدراسات الستراتيجية في الاكاديمية العسكرية الامريكية و الذي عمل أيضا مستشارا في جهاز الاستخبارات الامريكية. سمي بالجيل الرابع حيث أن الجيل الاول هو تسمية للحروب السابقة بين القرنين السابع عشر و أواسط التاسع عشر و التي كانت تعتمد أساسا على القوة البشرية، أما الجيل الثاني فهي التي كانت تعتمد على الاسلحة التقليدية كما في الحرب العالمية الاولى وأوائل الحرب العالمية الثانية و الجيل الثالث وهي الحرب خلف خطوط العدو التي بدأها الالمان خلال أواسط الحرب العالمية الثانية وتعرف أيضا من قبل المحللين الامريكيين بالحروب الوقائية أو الاستباقية كالحرب على العراق و أفغانستان.
حرب الجيل الرابع كما عرفها مانوارنج في محاضرة مكشوفة قبل سنتين لكبار الضباط و المحللين العسكريين هي " الحرب بالإكراه لافشال الدولة ، وزعزعة استقرارها ثم فرض واقع جديد يراعي مصالح العدو". أنها تهدف الى تفتيت مؤسسات الدولة الأساسية والعمل على انهيارها أمنيا واقتصاديا وتفكيك وحدة شعبها من خلال الإنهاك والتآكل البطيء للدولة، وفرض واقع جديد على الارض لخدمة مصالح العدو ، وتحقيق نفس اهداف الحروب التقليدية (الجيل الاول – الثانى – الثالث ) بتكلفة اقل. و يقول مانوارنج هدف الحرب هو أرغام العدو على تنفيذ أرادتك بالاكراه سواءا كانت تقليدية أو حميدة (يعطي معنى الحميدة هنا الى أستخدام مواطنين من الدولة العدوّة و أقل مايمكن من مواطني الدولةالتي تشن الحرب – بمعنى طابور خامس) "هدفنا التحكم أو الوصول الى نقطة التأثير في عدونا و تحقيق أرادتنا. القاسم المشترك في تنظيرات ماوارنج هو زعزعة الاستقراربأستخدام أقل مايمكن من القوة العسكرية و ليس بالضرورة أن تكون نظامية و ليس كلها رجال ، فيها نساء و حتى أطفال ( لا حظ هنا تجنيد الاطفال في مهام غير قتالية و يتباكون على تجنيد الاطفال في اليمن و الصومال و جنوب السودان و غيرها) و يضيف "يجب أن تكون القدرات العقلية أو الذكية(Smart Power) هي السلاح الرئيسي في هذه الحرب وليس قوة النيران". زعزعة الاستقرار تتم باساليب وادوات تأتي في مقدمتها تشجيع حركات معارضة ناقمة للاعتداء على المنشآت العامة والخاصة والتمويل الغير مباشر لانشاء قاعدة إرهابية غير وطنية أو متعددة الجنسيات داخل الدولة بحجج دينية او عرقية او مطالب تاريخية و والتهيئة لحرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي، واستخدام محطات فضائية تكذب وتقوم بتزوير الصور والحقائق (تمويل المحطات و الاعلاميين او
اصحاب المحطات) ويستخدم فيها وسائل الاعلام التقليدية والجديدة (مواقع التواصل الاجتماعي. أنها نفس أساليب ما يسمى ب "الاسلحة الصامتة في الحروب الهادئة" التي أكتشفت كوثيقة مجهولة المصدر عبارة عن دليل أرشادي ضخم على كيفية السيطرة على الشعوب أكتشفت في ماكنة تصوير بيعت لشركة بوينج الامريكية سنة 1979 و التي أحد أركانها العشرة (التي أستخلصها الكاتب الشهير نعوم تشومسكي) هو السيطرة على الشعوب من خلال الخداع الاعلامي و الميديا و غيرها.
و من بين أساليب الجيل الرابع للحروب تطوير التكتيكات لاختراق وتجنيد التنظيمات داخل الدولة المستهدفة والعمل باسمها وبغيرها من التنظيمات التي تأخذ الطابع المتطرف واستخدام مرتزقة مدربين لتحقيق مخططات في الدول المستهدفة بالاضافة الي استخدام تكتيكات حروب العصابات وعمل تفجيرات ممولة بطريق مباشر او غير مباشر، والتمرد للاقليات العرقية او الدينية ، وضرب طبقات و طوائف المجتمع بعضها البعض، واستخدام كل الضغوط المتاحة (السياسية والأقتصادية والأجتماعية والعسكرية .. الخ) مثل التلويح بقطع المساعدات او التهديدات الحربية ... الخ، واستخدام بعض المنظمات الليبرالية والمعارضة والعمليات الاستخبارية واخيرا استخدام العملاء في الدول المخترقة وتسليط الأضواء عليهم ومنحهم الجوائز والاموال. ومن بين ما قاله مانوارنج أن الطريقة المثلى هى التى تبدأ ولايشعر بها احد، وتستخدم القوة الذكية والتى تعتمد على التنوع الكبير والاستخدام الذكى للقوة الصلبة و القوة الناعمة (يقصد التكنولوجيا على الارجح) فى تناغم عال مخطط طويل الامد . أعتقد لا حاجة لضرب الامثلة العملية عن تطبيق هذه الحرب في العراق و ببطء كما يقول مانوارنج و التي تسير كما خطط لها منذ ثلاثة عشر عاما.
و يلخص محاضرته مناشدا مستمعيه من كبار العسكريين و السياسيين " كلمتين في قاموسنا للفترة القادمة " الحرب هي الاكراه سواءا قاتلة أو غير قاتلة، و الكلمة الاخرى الدولة الفاشلة ليست حدثا أنما عملية بخطوات تنفذ ببطء و بهدوء كافي و أذا فعلت هذا بطريقة جيدة و لمدة كافية و ببطء كاف و حميد (باستخدام الطابور الخامس)فسيستيقظ عدوك ميتا.
ها هم وصلوا الى شبه النهاية التي يريدون منها أخضاع الدولة بسكانها و أرضها و جيشها و مواردها وجغرافيتها و أنهارها و حتى تراثها لارادتهم و تصريحات ترامب بعد أنتخابه بوصفه العراق بالدولة الفاشلة و الفاسدة و المجتمع العراقي المنقسم على نفسه و عدم أعترافه بشيء أسمه سيادة العراق و سيأخذ بتروله بفضل أكبر طابور خامس في التأريخ، ما هي ألا قناعة هؤلاء الامبرياليين المهووسين بجنون العظمة بأن الوقت قد حان لدخول العراق في مرحلة الانعاش فهل ستتحقق مقولة وارنج فينام العراق و يستيقظ ميتا؟
مقالات اخرى للكاتب