..........صحيفة:
أتذكر جيدا.. أول صحيفة أصدرتها.. وهي صحيفة (نعم للحرية).. وكانت تصدر بالتعاون مع مكتب السيد الشهيد الصدر (رض).. وبالرغم من الحرية التامة في التصرف.. إلا أن اعتراضات حصلت من هنا وهناك.. حول الاسم.. باعتباره ..علمانيا!!
بعد أن أكملت دراستي العليا، ثم درست العلوم الدينية: المقدمات ثم الأصول واللمعة.. وبعد أن (فريت عكا ومكة) تيقنت أكثر إن اسم (نعم للحرية).. كان مناسبا الى حد بعيد.. من الناحية الشرعية..!!
ولتوضيح ذلك .. ادرج الملاحظات التالية:
اولا: من البيان الشرعي (النص السماوي) وفي اهم اية (اية الكرسي) ورد ((لا اكراه)) وهي الحرية..
ثانيا: يعترض على ذلك ، انه ((لا اكراه في الدين))..
ولا يخفى على القارئ اللبيب ان الدين اعلى رتبة من بقية الامور.. واذا كان (لا اكراه) في الاهم.. يكون من الطبيعي ان (لا اكراه) في اي امر اخر..
ثالثا: ان الخالق منح الانسان الحرية.. فهل يجوز ان يصادرها مخلوق!!
رابعا: كلام كثير يمكن ان يثبت ان (الحرية) هي عنصر اساس في المشروع الالهي.. المستند الى (خلافة الانسان) في الكون.. الا ان المجال لا يسع لها.. فضلا عن ضرورة مناقشة اشكالية (الطاعة) و (الولاية) و (البيعة) و (القيادة) و (التقليد)..
..........الشجرة:
وبعيدا عن تفاصيل وتعاريف هذه العناوين .. يكفي القول:
ان كل ذلك لا يصح الا عن (اختيار) (حر) .. والا لا قيمة له..
وان الطاعة الإلهية مستندة على الاختيار الحر، ولا قيمة لغيره.. ورد في القران الكريم:
((وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ)) ((فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ)) (( وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ)) ((فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ)) الاعراف (19-22)
ولم تكن هذه قصة، يرويها القران الكريم، بل هي فلسفة العبادة والطاعة التي يريدها الله تعالى، تلك الطاعة الناتجة من الحرية الواعية..
ويمكن ان يلحق بمفهوم (الحرية) مصاديق اخرى.. مثل (الشذوذ) وغيره..
الا ان هذا لا يخرج عن القانون العام .. وهو الانسان حر في الفكر والاختيار.. وهو الذي يتحمل مسؤولية اختياره.. وخلاف ذلك يتعطل المشروع الالهي .. الذي تضمن في تخطيطه تلك (الطارئات) .. ليتكامل الانسان بعد ن يمر بعدد من التجارب والاخفاقات.
مقالات اخرى للكاتب