بعد التغيير؛ تم استحداث وزارات جديدة في الدولة العراقية، منها استحدث من دمج عدة دوائر، كانت موجودة أصلا، وأخرى استحدثت من الأصل، معظم هذه الوزارات عبء إضافي، غير مبرر على الخزينة العامة.
أن هناك دوائر اقل من وزارة، كانت تقوم بمهام هذه الوزارة، مازال معظمها موجود، يمارس مهام تتقاطع مع الوزارة المستحدثة، كما في حال وزارة السياحة وهيئة السياحة، ومفوضية حقوق الإنسان ووزارة حقوق الإنسان، ودائرة رعاية المرأة ووزارة المرأة، وزارة البيئة ودوائر البيئة، الموجود في معظم وزارات الدولة.
أما من استحدثت بدمج دوائر، كانت منتجة، ولها اثر في المشهد الاقتصادي، وتسبب الدمج باندثار الكثير من موجودات هذه الدوائر، من أراضي ومصانع ومعامل، كما في حالة وزارة العلوم والتكنلوجيا.
هذه الوزارات، التي يداوم فيها عشرات الألوف من الموظفين، يكون برنامجهم اليومي؛ الحضور إلى الدوام صباحا قبل التاسعة، يجدون جهاز يشبه الهاتف الأرضي، الذي اغتيل بسبب التعاون المشبوه مع شركات الهاتف النقال، يقوم كل منتسب بوضع احد أصابعه، على شاشة هذا الجهاز، لغرض تثبيت حضوره، يذهب إلى مكان جلوسه، ليـتناول (قوري الشاي)، ليقوم بأعداد الشاي ووجبة الإفطار، بعد الانتهاء من ذلك، تبدأ النقاشات والمساجلات المختلفة بين الزملاء، حتى يحين موعد الصلاة، يقوم من يصلي بأداء الصلاة، بعدها (يحمي) أو يعد شاي، بانتظار الساعة الثانية ظهرا، ليتوجه الجميع إلى جهاز تسجيل الحضور، يتم اخذ البصمة، ليتوجه الجميع إلى خطوط النقل، بانتظار صباح ويوم أخر.
الدائرة الوحيدة التي تعمل في اغلب هذه الوزارات، هي الدائرة الإدارية والمالية، فمنتسبي هذه الدائرة، يصرفون يوميا أطنان من الورق، وآلاف الألتار من الحبر، ومئات الأمبيرات من الكهرباء، لتشغيل الحاسبات، فضلا عن اندثار هذه الحاسبات، كل هذا يصرف لمتابعة شؤون الضيوف ( أسف الموظفين)، بين غياب وحضور وإجازات، وغيرها من متعلقات الوظيفة، إضافة إلى الرواتب والترقيات، والمشتريات ومخاطبات مع الدوائر الأعلى أو ديوان الوزارة.
بعض موظفي هذه الوزارات، خاصة البحثية منها، يقومون بأجراء بحوث، هي عبارة عن ترفيه وضياع وقت، يبررها بعضهم( نسد عيون) الحكومة، خوفا أن تستغني عن خدماتهم، هذه البحوث تصرف عليها أموال من تخصيصات الوزارة الاستثمارية.! وهي لا تتعدى كونها أوراق إضافية، تضاف للأطنان التي ينتجها زملاء لهم، في وزاراتهم أو وزارات أخرى.
أن مواجهة التقشف، الذي يمر به البلد، يحتاج إلى خطوات واقعية، أبرزها معالجة هذه البطالة المقنعة، فلا توجد صعوبة في إلغاء وزارة البيئة، وجعلها مديرية أو قسم تابع لوزارة الصحة، تضاف له دوائر البيئة في الوزارات الأخرى، ولا يحتاج إلى عقلية استثنائية، إلغاء وزارة حقوق الإنسان، خاصة وإنها وزارة فريدة في العالم، كون حقوق الإنسان؛ مهددة بالانتهاك من الحكومة فلا يمكن لها أن تكون مراقبة لنفسها، لذا الاكتفاء بمفوضية حقوق الإنسان، يجعل الاهتمام بحقوق الإنسان واقعي، ويوفر مليارات الدنانير من مصرفات وزارة الحقوق، كذا حال هيئة السياحة ووزارتها.
وزارة مثل العلوم والتكنلوجيا، معظم دوائرها تمتلك منشآت إنتاجية، من أراضي وحقول ومعامل، لذا يجب إلزامها، بتشغيل خطوط إنتاجية بالاستثمار أو ذاتيا، على الأقل لتغطية نفقاتها، وتوفير بضائع محلية للسوق، وإيجاد ميدان لتطبيق بحوث منتسبيها، لتطوير القطاعات المختلفة، خاصة وان العراق يعد البلد الأكثر بحوث في العالم، التعليم العالي تبحث، وزارة الزراعة تبحث، وزارة العلوم تبحث وهكذا، وكل هذه البحوث؛ هي عبارة عن أوراق مركونة في رفوف، تتضاعف شهريا، وبدل أن تعالج الحكومة، وضع هكذا وزارات، تخصص لها درجات وظيفية في الميزانية..!
مقالات اخرى للكاتب