لفت انتباهي خبر مفاده (مقتل عراب الأسلحة الكيماوية لداعش الذي كان مهندس صدام ) والمعطوف بدوره على خبر أوردته وزارة الدفاع الأمريكية ومفاده أنها قتلت ( أبو مالك )مهندس التنظيم المتطرف والذي يعتبر المسؤؤل الأول عن ملف صناعة الأسلحة الكيماوية في غارة لقوات التحالف على مدينة الموصل في 24 /كانون الثاني الجاري , وأضاف البيان أن عملية الاغتيال أدت إلى إيقاف مؤقت للشبكة الإرهابية من إنتاج أو تصنيع الأسلحة الكيماوية . كما أوردت الولايات المتحدة عن طريق سفيرتها في الأمم المتحدة سمانتا باور عن قلقها من وقوع بعض أسلحة النظام السوري الكيماوية في أيدي تنظيم داعش . وهنا تحتاج القوات الأمنية والحكومة العراقية والجهات المسؤؤلة عن مقاتلة تنظيم داعش أن تقف على هذا الموضوع وبجدية ويجب أخذه بنظر الاعتبار والتخطيط للحد من امتلاك التنظيم هذا النوع من الأسلحة ووضع الحلول في حالة امتلاكه لهذه الأسلحة .
يقول يوثانت – السكرتير العام السابق للأمم المتحدة في مقدمة كتاب ( الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ) والصادر من الأمم المتحدة (كل الدول تقريبا – بما فيها الدول النامية – والبلدان الصغيرة – بإمكانها الحصول على الأسلحة الكيماوية والبيولوجية , نظرا لسهولة تحضير بعضها وبمصاريف بسيطة وسرعة فائقة في مختبرات ومعامل بسيطة , وهذه الحقيقة تجعل مسالة السيطرة على هذه الأسلحة ومراقبتها شديدة الصعوبة )
يعود استخدام الأسلحة الكيماوية والبيولوجية إلى أقدم الأزمنة إذ تشير المصادر التاريخية أن حروب الهند القديمة في حوالي 2000 قبل الميلاد شهدت استخدام الأبخرة سامة تسبب (الارتخاء والنعاس ), بالإضافة إلى أن التتار في عام 1743 كانوا يلقون بالفئران الميتة من الطاعون فوق أسوار المدن التي كانت تحاصرها قواتهم لنشر مرض الطاعون لكي يستسلم أهلها ,وكان الانكليز والأسبان عند استعمارهم للأمريكيتين في أواخر القرن الخامس عشر يقدمون للقبائل الهندية بالشمال والجنوب بطاطين كهدايا ملوثة بفيروسات الجدري للقضاء على أفرادها , وكان نابليون في كل حروبه يلقي الحيوانات النافقة من الطاعون والجمرة الخبيثة في مياه الشرب ليقضي على خصومه , وأبان الحرب العالمية الأولى وضعت بريطانيا بكتريا الكوليرا في مياه الشرب في ايطاليا لتحالفها مع ألمانيا بينما كانت ألمانيا تلقي قنابل بيولوجية محملة بالطاعون فوق لندن . أما في القرن العشرين فان الولايات المتحدة استخدمت الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في حربها ضد فيتنام , وكانت القوات الفيتنامية (فيت كونج ) تستخدم الرماح الملوثة بالجراثيم ضد الجنود الأمريكان .
في عام 1984 قام رجل متدين من الهنود بوضع بكتريا السالمونيلا في سلطات بعدة مطاعم أمريكية بدالاس واو رجون فأصيب بالتسمم حوالي 750 شخص ,وفي عام 1995 قامت مجوعة دينية باليابان بنشر الطاعون والكوليرا والايبولا من رشاشات مزودة بسيارات جابت شوارع طوكيو الرئيسية , وكانت حالة الذعر عند أشدها عندما ألقى مجهول زجاجة تحتوي غاز الأعصاب سارين في نفق مترو طوكيو أودى بحياة 62 شخص وإصابة 5000 آخرين ,
كما استخدمت الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في الحرب العراقية الإيرانية , واستخدم النظام السوري الأسلحة الكيماوية ( سارين ) على منطقة الفوطة (غوطة دمشق ) مما أدى إلى مصرع 1500 شخص في حادثة هزت الرأي العام .
الجميع يعلم خطورة هذا النوع من الأسلحة وفعاليتها في شل حركة الحياة لذلك وضع المجتمع الدولي معاهدات للحد من انتشارها وتصنيعها كونها أسلحة دمار شامل بالإضافة إلى سهولة تصنيعها حيث يطلق المختصين على هذا النوع من الأسلحة ب ( أسلحة الدول الفقيرة ) كون تكاليف تصنيعها لا تقارن مع تكاليف صناعة باقي أنواع الأسلحة , كما أن استخدامها بمختلف الطرق يعطيها أفضلية ومرونة عن باقي الأسلحة فهي من الممكن أن تلقى بالطائرات أو بالصواريخ أو بالمدفعية أو توضع في الألغام .
إن محاولات امتلاك هذا النوع من الأسلحة من قبل تنظيم داعش يجب أن يتم التعامل معها بكل جدية وحذر حيث إن العراق يحوي خبرات هندسية قادرة على تصنيع تكنولوجيا هذا النوع من الأسلحة كونها تمتلك خبرة جيدة في هيئة التصنيع العسكري السابقة وتتركز المنشئات المختصة في إنتاج هذا النوع من الأسلحة في هيئة التصنيع العسكري السابقة في الموصل والانبار ومعظم منتسبيها قد تم تجنيدهم من قبل التنظيم المتطرف الذي يعتمد في إستراتيجيته مبدأ (اعتماد الشدة ) حيث أنهم يعرفون الجهاد :هو شدة وغلظة وإرهاب وتشريد وإثخان . ندعو الحكومة العراقية والقوات الأمنية والمسؤلين عن مقاتلة تنظيم داعش إلى وضع الخطط والاجرائات الكفيلة بمنع التنظيم من امتلاك هذا النوع من السلاح
مقالات اخرى للكاتب