أخبرني أحد الأصدقاء أنه يرى كل يوم فقراء هنود في تقاطعات مدينة الكاظمية ولم يجد تفسيرا لهذه الظاهرة أو سمها ماشئت، فمنِ آتى بهم وعبر أي حدود وهل وجودهم نظامي يتطابق مع الضوابط والتعليمات ولماذا نستورد الفقراء والعراق أصبح ساحة لمن هب ودب من مختلف الجنسيات بغرض ممارسة (مهنة الاستجداء). أسئلة كثيرة تتبادر الى الأذهان ولا نعرف لها إجابات غير إن معظمنا يعرف إن أسباب الفقر في العراق ترتبط بتزايد أعداد العاطلين عن العمل من جهة وعدم وجود فرص عمل جديدة من جهة أخرى، إضافة الى تنامي نشوء مجتمع طبقي يقسم الى طبقة غنية مترفة أنانية مستغلة للفقراء وطبقة وسطى متآكلة وأخرى فقيرة تتسع وهو نتيجة حتمية لسياسات أهدار المال العام وغض النظر عن سراقه وعدم وجود تنمية حقيقية.
الامم المتحدة تؤكد أن العراق يواجه أزمة إنسانية خطرة جداً، بعد نزوح ما يصل إلى مليون وثمان مئة الف عراقي منذ كانون الثاني 2014 الماضي حتى الآن بسبب القتال الدائر ضد ما أسمته تنظيم الدولة الاسلامية. كما تؤكد أن الأزمة الامنية الناتجة عن هذا القتال طالت أكثر من 18 مليون انسان في كل أنحاء العراق.
وقد إنعكس هذا الامر بطبيعة الحال سلبا على ازمتي الفقر والبطالة المتفاقمتين اصلا بعد التراجع الواضح لدور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتوقف المئات من المشاريع الصناعية المتوسطة والصغيرة في هذا القطاع الى جانب توقف عدد غير قليل من المنشآت الصناعية الكبيرة المملوكة للدولة وتحولها الى عبء على الموازنة العامة كونها غير منتجة. ناهيك عن عجز القطاع الحكومي عن استيعاب اعداد العاطلين المتزايدة نتيجة حالة الترهل التي يعانيها بشكل عام بسبب التعيينات العشوائية لدى مؤسسات الدولة.
يؤكد اقتصاديون إن النجاح النسبي الذي تحقق في خطة التنمية الوطنية 2010 – 2014 تقوض بفعل النزوح لترتفع نسبة الفقر من 19 بالمئة نهاية عام 2013 الى نحو 30 بالمئـــة وقد تزيد، وكذلك ارتفعت البطالة بين صفوف النازحين وفقا للمتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية بخاصة بعد حزيران 2014.
من المؤكد إن وزارة التخطيط معنية بالدرجة الاولى في إيجاد الحلول السريعة لمعالجة الأزمة ومعها وزارة الهجرة والمهجرين التي لا نعرف موقفها وهل تمتلك العلاج أو في الأقل مقترحات وأفكار آنية للتعامل مع هذا الملف الخطير الذي يحصد المجتمع بفئاته المختلفة نتائجه الدامية من قتل وسلب ونهب وأحتيال وسطو مسلح الخ القائمة فضلا عن الدور المنتظر لوزارة العمل والشؤون الأجتماعية في تطوير اليات شبكة الحماية الأجتماعية ووزارة الداخلية في ضبط المنافذ الحدودية.
وبرغم حالة التشاؤم، الا إن بعض الأقتصاديين يعتقدون أن حكومة العبادي تمتلك الفرصة والخيارات لتنشيط القطاع الخاص تدريجيا وإعادة دورته الأقتصادية وإنها قادرة لو أرادت تصحيح المسارات وتدبر الامور في الحد الأدني قبل أن يسقط السقف على الجميع دون إستثناء ونرى شباب العراق كلهم بشهاداتهم المختلفة باعة بسطيات وسائقي سيارات أجرة من نوع سايبة.
مقالات اخرى للكاتب