من تسعف حظه الاقدار ان يكون لديه اطلاع على الصحافة الغربية وبخاصة البريطانية ، ويحسن اتقان لغتها والاعيبها يكون لديه بعد نظر وإطلاع على خفايا ما تفنت به تلك الصحف العريقة من أخبار وتقارير خبرية وبخاصة عن العراق في فترات السبعينات والثمانينات، وتكثيف حملاتها الدعائية الصاخبة في التسعينات وما بعدها، وكان الرجل شاهدا على مرحلة عصيبة من تلك السنوات الموغلة في التهويل الدعائي والاعلامي، الذي كان نصيب العراق الحجم الاكبر من الإهتمام!!وقد كان الزميل القدير والمحترف لصنعته في الترجمة الصحفية حسن سعدون حال الكثير من زملاء آخرين يشاطرونه المهنة على اطلاع على كثير من تلك الحملات وأبواقها الدعائية وما يكتبها مراسلوها وكبار كتاب الاخبار والأعمدة الصحفية وما يروونه من قصص أغرب من الخيال عن الواقع العراقي وكيف يدسون السم في العسل بين ثنايا تقاريرهم عما يكتب عن العراق، وكان حجم التهويل كبيرا ويكاد يكون شبه يومي، وهو ناقل لتلك الحقبة الموغلة في التضليل الاعلامي والحرب النفسية بكل أساليبها، يقف خلف توجهاتها دهاة من صحفيين بريطانيين وغربيين اخرين ضليعين بمهمتهم يزورون العراق او يكتبون عنه من خارجه لكنهم لايضمرون الخير لشعبه ولا لأهله!!إن واحدا من توجهات تلك الحملات الصاخبة لاغراض التضليل والخداع قد قامت بها الصحافة البريطانية كما أذكر قبل احداث دخول العراق الى الكويت بأشهر، وكانت توجهات حملات الدعاية البريطانية تتركز على حق العراق في الكويت وانها ارض عراقية وتعيد بث كل نوايا وتوجهات زعامات العراق ومنهم عبد الكريم قاسم في ان الكويت عراقية وينبغي استعادتها، وكانت هذه التقارير تمارس عمليات تحريض انذاك للعراق بالسعي في هذا الاتجاه، وهي تشير الى ان العراق الذي خرج من الحرب مع إيران وهو مثقل بتكاليف هذه الحرب وخرج منتصرا منها، لابد وان تكون الوجهة المقبلة له نحو الكويت، فهذا الجيش العرمرم من وجهة نظر الصحافة البريطانية قد يكون مصدر خوف ورعب من نظامه السياسي ولهذا فما عليه الا ان يبحث عن خطر خارجي يحول الانظار عن هذا الاهتمام لكي لايكون هناك أي ( انقلاب ) او مطامع لكبار ضباطه في السير بهذا الاتجاه، وهكذا بثت الصحافة البريطانية الكثير من هذه المخاوف في وقتها حتى اوصلت العراق الى قناعة بأنه بالامكان اجتياح الكويت ، وضمها اليه، لكي ينشغل الجيش وضباطه بمثل هذه التحركات، وكان لهم ما ارادوا ان حدثت حرب العراق والكويت في آب من عام 1990 وحدث ماحدث!!ما اردت ان نقوله ان الوقوف على توجهات الصحافة البريطانية وحتى الامريكية والغربية عموما كان من ضمن اناس مختصين، ابدعوا في ايصال اشكال الحملات الدعائية بالرغم من أنهم لايتدخلون في نقل تلك الصورة الا انها تعطي للآخر ولمن يهتم بهكذا توجهات صورة أو مؤشرا عما قد يحدث في المستقبل، وكان الزميل حسن سعدون ( أبو احمد ) واحدا ممن كان له اطلاع واسع على حملات صحب دعائية من هذا النوع!!تحياتنا للاعلامي والمترجم القدير حسن سعدون، لما قدمه من جهود لايستهان بها مع زملاء كثيرين، وله منا كل محبة وتقدير!!
مقالات اخرى للكاتب