قبل أشهر عدة، أطلقت المفوضية العليا للانتخابات في العراق، حملة دعائية، كُلفت ملايين الدنانير، تحت عنوان "صارت سهلة". تناولها التلفاز، والعوارض الحديدية، في مختلف مناطق البلاد، واستخدام أكثر من نجم عراقي، لتسيير المادة الإعلانية.
الجميع ظنوا شعارها، هو تسهيل إجراءات الانتخابات، لدى الناخبين، عبر البطاقة الذكية، والكثيرين توهموا ذلك، إلا من ذهب واستلم البطاقة وشاهد بأم عينه ما الذي حصل.
لكن وما لا تعلموا، أنها "صارت سهلة" لمن يريد أن يرشح نفسه، ويتصدى كمسؤول ! المفوضية قد فتحت باب الترشيح السهل، وليس باب التصويت. 9040 مرشحا يتنافسون على 328 مقعد، إلا ثمانية لحصة الإقليات .
يا ترى كل هذا العدد، والعراق، يشكو من قلة القيادات؟ تسعة الآلاف شخصا، يرون في أنفسهم القدرة، والكفاءة على قيادة الدولة !، تزاحم المرشحون على، الجدران ،والأرصفة، وعمود النور يضفي شعورا غريبا، في العزم على الانتصار، وخصوصا ماقامت به بعض الكيانات، بكتابة لافتة "المكان محجوز"!. على بعض العوارض والاماكن الاستيراتيجية. نأمل أن تحجز الجدار لإعلانك، ولا تحجز الكرسي، لثمانية سنوات أخرى.
ما يشعرني بالفضول دائما، في كل جولة انتخابية، هل توجد مقابلات للمرشحين؟ هل تقدم الأحزاب السياسية برنامجا انتخابيا للناخبين؟ هل يكفي لاختيارنا للأشخاص بأنه "وضع صورته مع فلان" لكسب أصوات الأخر؟.
هذه التجربة الديمقراطية الثالثة لنا، في الانتخابات، هل سيكرر الناخب الوجوه نفسها؟ أم نحتاج إلى جرعة أخرى من الديكتاتورية. تسعة الآلاف شخصا، يكشرون عن أنيابهم، لافتراس الامتيازات البرلمانية، ثلاث مائة وعشرون كرسيا، ينتظرونا بدوامة جديدة، وفشل محتم.
لن ننسى دموع الأيتام، وآلام الثكلى، ونحن نضع ورقة الاقتراع، في الصندوق، وندرك ما فاتنا من السنيين الماضية، من دمار وجروح، ننتخب للتغيير لا للتثبيت. ونضع اختيارنا مساهمة في بناء مستقبلنا بعيدا عن كل شي. حتى تكون "صارت سهلة" شعارنا في التغيير.
مقالات اخرى للكاتب