نختلف أو نتفق مع سياسيينا الاكارم، لكن علينا أن نعترف بان العديد منهم يسعى لتبديد حالة الملل لدينا من خلال إجادتهم لفن النكتة، إضافة إلى صفة الإصرار وعدم اليأس على تقديم كل ما هو غريب ومثير، والدليل على ذلك أن العديد منهم لا يزال مصرا على القول إنهم سيحررون القدس ويشقون الأرض لتبتلع نتنياهو .. وانهم اي ساستنا الابطال لايأتمرون باوامر سكان البيت الابيض وان الأمريكان لا يملكون نفوذا في العراق وليس باستطاعتهم التدخل في شؤون البلاد، وإنهم يرفضون الاحتماء بالمظلة الأمريكية.
بالامس خرج علينا نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني صاحب مشروع الكهرباء كالماء والهواء من حق اي مواطن ان يتمتع بها ..ليقول انه يتحدى اسرائيل في عقر دارها لو فكرت مجرد التفكير بضرب المنشأت النوويه الايرانية ، بل ذهب به الخيال أكثر من ذلك وهو يهتف أن الحكومة العراقية سترد بقوة ضد اي محاوله اسرائيلية لاختراق المجال الجوي العراقي مؤكدا بثقة يحسد عليها أنه لن يسمح للعدو الصهيوني بضرب سورية قبلها هدد النائب محمد الصيهود بصوت غاضب بان مجلس " النوام " سيصول صولة رجل واحد ضد اسرائيل لانها تقود حربا ضد الشيعة .. ولم ينس ان يشتم بوش صاحب مشروع الشرق الاوسط الجديد .. ولان السيد الصيهود سياسي " دمج " فاته ان يعرف ان وجوده في مجلس " النوام " جاء بفضل مشروع بوش الشرق اوسطي ولم يكن بفضل عشق الجماهير . في ضوء هذه التصريحات وغيرها من التي أطلقها سياسيونا، فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول أن هؤلاء السياسيين يصدقون ما يقولون فعلا ومقتنعون أن امريكا لا علاقة لها من قريب أو بعيد بما جرى ويجري في المنطقة أو أنهم يمارسون عملية كذب منظمة وممنهجة، تؤمن بان تكرار الأكاذيب بدأب وإصرار ومن دون توقف سيجعل الناس يصدقونها في النهاية.
الشائع أن كثيرا من سياسيينا اليوم مقتنعون بأن الكذب جزء لا يتجزأ من الممارسة السياسية، لأنهم يعتقدون ان الناس تنسى بسرعة، وعندما تكتشف الكذبة، يسارعون إلى إلقاء كذبة جديدة وهكذا.
ما يشاهده الناس من تصريحات الساسة هو كذب لكنه بطريقة فجة لا تراعي حتى أصول وفن الكذب والتلفيق وتزوير الحقائق.
ما أتعس أن تذرف الدموع كذباً دفاعا عن حرية القرار وحق العراقيين في ضرب اسرائيل. اليوم يقولون أن بوش اخطأ في العراق ولم نكن راضين عن طريقته في معالجة الوضع، متناسين ان أربع حكومات عرجاء أحرقت الاخضر واليابس في العراق، نسمع كل يوم سياسيين يتباكون على عراق ارتكب فيه الأمريكان –حسب قولهم-اكبر جرائم العصر، فيما لم نسمع احدا منهم يعترف بأنه ساهم ولا يزال في إشاعة روح الفساد والانتهازية وتشجيع الطائفية وقتل روح المواطنة عند الناس.
كل دروس التاريخ منذ بدء الخليقة تقول إن الأكاذيب والعنتريات لا تبني دولا، مهما كانت الشعارات التي يرفعونها والأكاذيب التي يأتون بها.
الناس تسمع خطب المسؤولين كل يوم من أن العراق سيصبح جنة المنطقة التي تهب رياحها على دول وشعوب العالم؟ أين هي الجنة، وأين هي الرياح؟ لم يشاهد العراقيون حتى هذه اللحظة سوى الخراب.
بناء الدولة لا يأتي بالشعارات ولا بالخطب "العنترية" فهذه أدوات تستخدم لاشاعة الفساد والخراب وعلى كل شبر من أرض العراق شواهد لعبثية العملية السياسية.
السياسيون يدّعون الآن الحكمة بأثر رجعي ويقولون إنهم كانوا ولا يزالون مختلفين مع الإدارة الأمريكية في ما يتعلق بالسيادة الوطنية وعدم التدخل في الشأن السوري ، فيما الوقائع تؤكد يوميا أن معظم سياسيينا لا ينامون الليل قبل الاتصال بالعم بايدن او الخال كيري لاستشارتهم في وضعية النوم التي يتخذونها .
أتمنى كمواطن ساذج أن يكون الشهرستاني صادقا في تهديده .. لكن يبقى سؤال اود ان يجيبني عليه نائب رئيس الوزراء: هل ييطلب الاذن من اوباما عندما يقرر ضرب إسرائيل .. ام ان الامر مجرد نكته الغرض منها الترفيه عن المواطنين وهم يعيشون صيفا خال من وعود الشهرستاني الكهربائية .
مقالات اخرى للكاتب