الدنيا تتغير، لكن قناة الجزيرة، لا تتغير، لا "تتعب" ولا " تكلّ أو تملّ " "، فهي ماضية بنجاح في استخدام سلسلة متصلة من الأكاذيب والعداء والحقد والكراهية، لكل ما هو خارج مشروع الإسلام السياسي.. ، ولم يفتح الله عليها أن تتصالح إلا مع مصالحها، لأن أجندتها لا تمت إلى الأوطان بصلة.
أصبحت " الجزيرة" ضمن حزمة إعلام يسيطر عليها مشايخ " مودرن " يسعون إلىتحويل الشاشات إلى منصة ومنبر لخطاب أحادي وكاره، لا تبادل للمعرفة، ولا نقدها عبر الفرجة، الصورة في الجزيرة ليست فضاء يتشارك فيه المتفرج، ولكنها أداة تثبيت السلطة لشيوخ الإسلام السياسي المقيمين بكامل هيبتهم وأزيائهم خلف الكواليس.. يتصورون أن الشاشة منصة لسلطة تسمح لهم بإهدار دم الخصوم ، ولهذا نجدها اليوم – الجزيرة - لا تتوقف عن الأوهام التي تضيّع فيها وقتها ووقت الناس، لأنها تمشي وراء سراب! ما زالت الجزيرة تتصور أن من خرجوا في التظاهرات ضد مرسي يعدون بالعشرات، وأن الملايين تهتف بحياة الرئيس الإخواني "المؤمن".. فقد شمرت القناة في البداية عن ساعديها لتحميل المعارضة مسؤولية ما يحصل من أحداث، والغريب أن مسؤولي الجزيرة حالما أيقنوا أن 22 مليون مصري خرجوا للشوارع يطالبون برحيل مرسي ، اعتبروا أن الخبر لا يستحق المتابعة، هكذا يتم التعامل مع تضحيات الشعوب وخياراتها، وهكذا ينصب سوق المزاد السياسي.
سيقول البعض أن الجزيرة تنفذ سياسة قطر، الدولة التي تريد أن تبني تاريخها وموقعها الإقليمي والسياسي، بدماء الأبرياء.. فلا غرابة أن نجد قطر تعيش في عالم من التناقضات.. فهي مشيخة رجعية بلباس حداثوي.. ففي شارع واحد يمكن ان تجد علامة متحف اللوفر إلى جانبها يرفرف علم حركة طالبان!.. علاقاتها بإسرائيل متميزة، لكنها تدعم حركة حماس في نفس الوقت.. تهاجم الاحتلال الأمريكي للعراق.. وعلى أراضيها بُنيت اكبر قاعدة عسكرية أمريكية.. مشيخة قومية وإسلاموية وفي نفس الوقت أمريكية الهوى.. على أراضيها فروع لمعظم الجامعات العالمية الكبرى، لكنها في الوقت نفسه حاضنة لكل الجماعات المتطرفة.
تلعب قطر على أكثر من طرف لتبدو من خلال حجمها الصغير، عنصرا مقلقا لدول،مثل العراق وسوريا ومصر وتونس، ولهذا نراها تسعى إلى تفكيك وتركيب المنطقة، في إطار " الإسلام القومجي " الذي يتطلب من العراق أن يبقى ضعيفا منهكا، ومصر على الحياد بدون فاعلية.. وتسعى أن تجعل من مرسي وجماعته صورة للبطل المدافع عن قيم الإسلام..، ومن عدنان الدليمي صورة للبطل "القومي"، وهي تدفع المليارات من أجل أن يعاد صنع " مبارك إخواني" في مصر، لا يهش ولا ينش، يعتاش على فتات المعونات التي لا تتعدى منحاً أمريكية عاجلة، وأموال خليجية مشروطة.. تدفع قطر أموال النفط والغاز من اجل إعادة رسم المنطقة بنظام جديد، محير ومثير.. لا تفهم الناس فيه كيف يمكن شتم أمريكا والتحريض عليها في قناة الجزيرة.. وفي الوقت نفسه السماح لطائرات البنتاغون بالتجسس على دول المنطقة.. خلطة كوميدية تصر على ان تضع بيض حماس ، وفراخ إسرائيل في سلة واحدة.
اليوم وفي ظل المشهد المصري المثير للإعجاب تخطئ الجزيرة من جديد حين تتوهم أن حرية الإعلام هي حرية حرق البلاد، وإثارة الفتن حيث تشعل الكراهية والبغضاء من خلال برامج تملأ الأجواء بالهواء الفاسد والكريه.
لقد تحولت من قبل حياة العراقيين بفضل قنوات التحريض إلى كوابيس ثقيلة يشاهدونها ليلاً، وتؤرقهم نهاراً وتقتل في نفوسهم الأمل والتفاؤل وتحولهم إلى كائنات معجونة بالاكتئاب والغضب.. ولهذا نجد اليوم الجزيرة تلعب على نفس الأسطوانة، حين تصور رحيل مرسي بانه بداية الخراب لمصر والضياع لشعبها.
من حق المصريين أن يحموا حريتهم وأن يصونوا أنفسهم، وألا يتركوا مصير بلادهم في مهب ريح "الجزيرة" وأخواتها، فالفتنة اليوم تتقد بشدة تحت الرماد، ووقودها أموال ساخنة تضخها دول وإمبراطوريات مالية، تروج لها الجزيرة وأخواتها، بخداع الناس بكلام معسول وشعارات زائفة.
تخطئ بعض قنوات التحريض الطائفي والمذهبي حين تتصور أنها يمكن أن تعيش طويلاً، فإذا كانت الأموال متوفرة، فالاستثمار في الإعلام ليس شراءً للأراضي، ولا استيراداً لمواد التجميل، إنها أخطر صناعة في التاريخ، صناعة تقوم بتشكيل العقول والأفكار وتصنع الرأي العام وهي في الوقت نفسه سلاح لا يجب الاستهتار باستخدامه خصوصاً في مجتمعات لم تترسخ فيها بعد ثقافة الحوار والاحترام. إنها المعادلة الصعبة التي لم يتحقق فيها التوازن حتى الآن، بين حرية الإعلام وحرية المجتمع، بين الكلمة والقذيفة، بين الالتزام والفوضى.
فيا أيها القائمون على قناة الجزيرة ومعكم فضائيات التحريض الطائفي أرادت أن تنصب
سرادقها السياسي في قضية التظاهرات ضد مرسي.. لاعزاء لمن يسعون إلى خراب الناس والأوطان.