احد أزعج الإجراءات الروتينية التي تثقل كاهل المواطن وتجعله لا يثق بالحكومة هي صحة صدور لأي وثيقة صادرة من جهة رسمية. وذلك بإعادة الوثيقة الى الدائرة الصادرة منها لكي يتأكد للموظف الحكومي ان الوثيقة صحيحة وليست مزورة.
أن هذا الإجراء وأن يعمل فيه احترازياً وتحوطاً للحد من الفساد والتزوير والفوضى، إلا أنه إجراء روتيني يثقل المواطن بالتأخير والروتين وإطالة المعاملة وخسارة في الوقت، خصوصاً أذا كانت الوثيقة صحيحة، ولا غبار عليها، ولم يظهر عليها أي شك.
قدمت معاملة الى دائرة حكومية مع المستمسكات الأربع، الجنسية وشهادة الجنسية والبطاقة التموينية وبطاقة السكن وجميعها باسمي، لكن الموظف المسؤول طلب مني صحة صدور لبطاقة السكن، وحين استفسرت عن شكه في البطاقة لكي أبدلها بأخرى جديدة، قال: هم يفهموك! فذهبت الى مركز المعلومات وطلبت تبديل البطاقة لكن المسؤول رفض وقال: هذه البطاقة لا تبدل إلا في حالات خاصة وأنها أي بطاقة السكن سليمة وصحيحة، وما عليك سوى أن تجلب لنا ورقتين تأييد وظرف من الكشك المقابل لمركز الشرطة، فقلت: لماذا أذن شك المسؤول بالبطاقة؟ فقال: لا تستغرب يوميا تصلنا عشرات الحالات ونعمل لهم إجراء صحة صدور لغرض أكمال معاملاتهم.
لا أحد ينكر أن حالات التزوير شملت كل شيء خصوصا الشهادات الجامعية والوثائق والعقود وبيانات الولادة والوفاة وتلك طامة في تاريخ البلد.
واذا كان الغرض من صحة الصدور هو محاربة الفساد والتزوير، ولكن هذا الإجراء لا يصعب على أفواج المزورين الذين يملكون الأختام والأقلام والأحبار والتواقيع وكافة الأوراق ، وعندهم مكاتب متخصصة في الأسواق الشعبية ويروجون عن أعمالهم المنحطة بصوت عال وبدون خجل، فضلا عن مغريات لطالب الوثيقة المزورة بضمانات مؤكدة على سلامة عملهم المضبوط جدا وهؤلاء يشكلون شبكات ومافيات منتشرة كالوباء.
لذا بات من الضروري العمل وفق الإجراءات التي تبدو نهائية وحازمة، وهي البصمة الالكترونية والختم السري او الشفرة التي تدمغ على الوثيقة وختم لا يظهر للعين المجردة وكما يسمى بالسري، وهذا يعمل فيه بدوائر كتاب العدول على الوكالات الرسمية والخاصة ولاسيما بين المحافظات وحتى الوكالات المتعلقة بمعاملات العراقيين المهاجرين في الخارج. وبالتالي يمكن تجاوز صحة الصدور عبر تطبيق نظام التعامل الالكتروني بين الدوائر، وإنشاء شبكة معلومات وبيانات شاملة لدى كافة الدوائر لإظهار الوثائق والمستندات بالرقم والتاريخ والبصمة الخاصة بالشخص المعني التي لا تقبل التزوير، والأهم ختم الدائرة الحكومية التي تمنح أي وثيقة رسمية.
مقالات اخرى للكاتب