مسوغات وشروحات وتفاسير عديدة نسمعها يوميا , بشان حادثة اقتحام سجن ابو غريب , الحادث الذي دوخ وصدم الكثيرين في الداخل والخارج , وقد حملت معظم تلك التحليلات والقراءات المنظومة الامنية مسؤولية ما حدث , فتصدع بنيتها وهزالة كيانها وتواطؤ بعض افرادها , انتج جهازا امنيا هشا , لايقوى على التصدي لأهون التحديات , وكما قالت احدى النائبات : القوات الامنية غير قادرة على حماية نفسها , فكيف ستحمي المواطنين . وفي ظل هذا المشهد المأساوي , نرى عنتريات واستعراض العضلات المفتولة لافراد الدوائر الامنية بكافة تشكيلاتها , تمارس على المواطن البسيط - ممن لاحول له ولاقوة -في نقاط التفتيش الغزيرة المنغصة حياتنا وايامنا , والمتعمدة اهانة الرجال امام زوجاتهم واسرهم , وذلك لاتفه الاسباب , من قبيل عدم فتح نافذات السيارة , ولم يقتصر الامر عند هذا الحد , وفي اجراء غير مسبوق , قامت الاجهزة الامنية بغلق غالبية الطرق المؤدية الى ساحة التحرير , التي احتضنت الشباب الناشط الشاعر بالمسؤولية , والطامح بحياة حرة كريمة , والمحتج على استمرار نزف الدم العراقي , والمتظاهر للمطالبة بالامن , ومحاسبة مافيات الفساد , وسراق المال العام , المبددين لاحلام الشباب , عبر مشاريع سياسية تدميرية تهدف الى سحق العراق واهله وشبابه , وقد تعرض قسم من هؤلاء الشباب المتظاهرين الى الاعتقال , من خلال خديعة رسمتها لهم القيادات الامنية , وهي اقناع منظمو التظاهرات للذهاب الى احدى المقرات لتدوين مطالبهم , لكن تم استدراجهم واعتقالهم بحجة التظاهر من دون استحصال الموافقات الرسمية . هنا العقل الامني خطط ومكر للايقاع بالشباب العزل السلميين , لكن امام الارهاب يصاب بالعمى , في ساحة التحرير جيشت الجيوش واغلقت الطرقات واستنفرت القوات , وفي ابو غريب حيث التواطؤ والتراخي والتخاذل , في ساحة التحرير ظهرت الكلاب البوليسية والمصفحات والمعدات واجهزة الاتصالات وانتشارالعناصر الامنية بلباس مدني مع ابراز السلاح الشخصي قليلا من جانب الخصر , وفي ابو غريب جميعها كان في سبات , لكن استيقظ على اصوات الشباب التي صدحت باسم العراق , وطالبت باسترداد حقوقها , التي سلبها المفسدون , ذوو الالسن السليطة والافعال الدنيئة , اصحاب المشاريع التهديمية , مالكو البنوك والفنادق , المشيدة من اموال المساكين والمحرومين , الذين ادركوا وهم احياء ان مصيرهم الحتمي في مزبلة التاريخ الانساني . كما ينتظر ذات المصير جنرالات الامن المتملقين الذين يصطفون الى جانب الحكم الفاسد ضد الارادات الشعبية وليس بمستغربا عليهم , فقد سبق لهؤلاء الجنرالات الوقوف الى جانب النظام الصدامي المقبور , وارتكبوا ابشع الجرائم واشنعها بحق افراد الشعب , وافلتوا من العقاب والمحاسبة , والانكى نراهم اليوم يشغلون مناصب امنية حساسة , نتيجة لخبرتهم الطويلة في قمع الجماهير , وتاريخهم الاسود المملوء بالانتهاكات والتجاوزات , وعقليتهم البالية التي لاتعرف سوى التزلف من الحاكم , والتشبث بالمنصب . سامع واقرأ يوميا اشادت من الاهل والاصدقاء بشعب مصر وجيشها الوطني المؤازر لمواطنيه في حراكهم وثوراتهم , بينما يوجه الانتقاد اللاذع اللهجة نحو شعب العراق وقواته المسلحة , اثر سكوت الاول وقسوة الثاني , بيد ان هذا الانتقاد لا اراه في محله , كون العراقيين انتفضوا اكثر من مرة بوجه الظلم والطغيان وفي التاريخ شواهد عدة , لكن ما اراه صوابا , هو ان المؤسسة الامنية والعسكرية العراقية وطيلة تاريخها غالبا ما ساندت الانظمة الشمولية الحاكمة وقمعت الثورات والانتفاضات الشعبية المناهضة لتلك الانظمة , وفتكت بالقريب قبل الغريب , وكما يقول الشاعر" اسد عليً وفي الحرب نعامة"
مقالات اخرى للكاتب