.
نفسها تلك الشعوب ونفس اولئك الحكام العرب مهما تعاقبت الأجيال لا يختلف سوى الرداء وتبقى الافكار المريضة عضال متوارثة, مسلسل عربي مليء بالنكبات والمأسي والتخاذل , والسيناريو المتذبذب متغير مع ما تطلب مصالح الشعوب الأخرى, ونفس الحكام من دفع العراق الى حرب طاحنة 8 سنوات مع ايران, والتغاضي عن القمع وإستخدام الكيمياوي ضد شعبه وحملات الإبادة الجماعية , وأيده دخول الكويت في البداية ومن ثم مع التدخل الأجنبي , نفسهم كانوا يشكون من سياسة النظام الدكتاتوري في العراق ولكنهم ساعدوا في قمع الإنتفاضة الشعبانية, ومن ثم تأييد التدخل العسكري وأحتلال العراق , وأراضيهم قواعد عسكرية واستخبارية لإنطلاق الحملات العسكرية, وبعد سقوط النظام حملاتهم الإعلامية والسياسية لمحاربة الإحتلال وقتل الشعب العراقي بأسم المقاومة والجهاد, وجمع التبرعات والفتاوى لدخول الجنة من أيسر الطرق دون مقدمات بحصاد الارواح , و استمر استنزاف الشعب العراقي واعدائه جاهزين لأسباب طائفية بعد خروج المحتل, نفس الحكام اذهلهم البوعزيزي حينما حرق نفسه في تونس نتيجة الفقر والحرمان وفقدان فرصة العمل والعيش, وكانوا حماة للرئيس التونسي في أمل عودته للحكم وفشل ثورة شعبه, ودافعوا عن رئيس اليمن ومبارك , بينما إجتمعوا للاستعانة بالقوة الدولية لإسقاط القذافي وإرسال جيوش الى البحرين لقمع ثورتهم, ودعم المعارضة السورية بالمال والرجال والمؤوسسة الدينية, ونفس تلك المنابر طبل وزمر للضربة الأولى من اسرائيل لسوريا, واليوم بعد أحداث الغوطة وأستخدام الكيمياوي ودخول الصراع في مرحلة من الإجرام, تتفاوت المواقف الدولية حسب مصالح شعوبها , وتراجع المواقف المؤيدة للحروب بعد العودة لبرلماناتها , خاصة بعد التراجع البريطاني والألماني والموقف الروسي والصيني ضد الحرب , وامريكا دعت اوباما لمناقشة الكونغرس وتقدير النتائج الستراتيجة للولايات المتحدة , العرب على مستوى المندوبين طلبوا التدخل العسكري وعرض القضية على مجلس الأمن, ولم يعودوا الى برلماناتهم إن وجدت او وجدت بشكل لا رأي لهم يقفون خلف الحاكم ويؤيدون قراراته ليحافظوا على هيبة دول أختزلت به, يستعنون بجبهة الولاء والنصرة والقاعدة للإطاحة بالنظام, وربما يكون النظام السوري قد استخدم الكيمياوي او كلا الطرفين لم يتورع في إستهداف المدنيين, العرب لا ينتظرون النتائج الدولية ولم تترد تلك الاصوات التي تدعي بإن القدس عربية وقضية مركزية, من الاستعانة بأسرائيل كونها أصبحت اقرب من نظام يختلف معهم او يزج نظام علماني وحزبي في زاوية الطائفة التي ينتمي لها, نصروا القاعدة والأرهاب لإستباحة الدم العراقي وشغل المنطقة عن قضاياها المركزية والتنموية واستنزاف شبابها, واليوم ينصرون القاعدة ويرفعون السكين من خاصرة اسرائيل, لم يأخذوا عبرة من تجربتهم في العراق ومئات الضحايا اليومية ولم تكفيهم الأنهار من الدماء, ويبدو ان حكام العرب حكام ارهاب تحركهم الفتاوى المنحرفة لا يهمهم مصالح المنطقة التاريخية والجغرافية, وهم اليوم يقفون بالضد من الجيش المصري وارادة شعبه وحيثما تميل المصالح الدولية, نهاية سوريا سيدخل المنطقة في صراع عالمي مباشر والقرار تاريخي في رسم الخارطة المستقبلية للشعوب العربية والتحالفات الدولية وصراع القوى, ولكن حكام العرب لا يزالون يشّترون بالماضي والأمجاد التي اختلفوا فيها عن الشعارات القومية والتاريخ والمصالح المشتركة. الأيام حبلى بالمفاجئات والعرب لم يحشدوا جهودهم لتحرير القدس او دعم حزب الله في حماية جنوب لبنان او صنع رؤية موحدة تضع لهم مكانة في ثورة التكنلوجيا او إيجاد حلول دبلوماسية وسطية منصفة, او إيجاد وسائل متطورة لإصلاح منظومة الحكم والمجتمع نحو لغة من الحوار والتفاهم في بناء مشترك والتبادل السلمي للسلطات, ولا تزال جامعة الدول العربية تصدر الإنقسام والفرقة بين الشعوب, بل ان حكام العرب لا يتورعون من دعم الإرهاب مهما كانت مصادره وأهدافه وما يهمهم البقاء في الحكم و إرضاء أسيادهم , وللأسف إن الشعوب تنساق مع أهواء الحكام التي تدار من المنابر, ويبدو ان الضربة التأديبية الأمريكية, أدب جديد في المفاهيم العربية.
مقالات اخرى للكاتب