قبل عام بالتحديد، فجر السيد الشيخ جلال الدين الصغير قنبلة نبوءة في محاضرة له قال فيها ان الامام المهدي المنتظر سوف يظهر في سوريا لمحاربة الاكراد لمروقهم على حكومة بشار الاسد الشيعية، بما سماه "المارقة الكردية".
ووضح الشيخ الجليل طريق الامام المهدي والمناطق التي سوف يخضعها لسلطانه فبين وهو يشير على خارطة كبيرة خلفه انه سيسلك جهة الشرق ويدخل العراق من غربه ثم متجها نحو الموصل، بعدها يبدأ بمقاتلة اكراد العراق، ذاكرا فيها اسم بلدة الزمار بالتحديد.
واليوم، بعد عام من تلك المحاضرة التاريخية، تحققت نبوءة الشيخ، فرغم ان الغالبية العظمي من توقعاته لم تحدث، مثل التفجير النووي الذي يهز ما تحت دمشق، ويتسبب بزلزال تتهدم به منطقة حددها بثقة، بين سوق الحميدية وحرستا (مسافة 10كم)، او دخول الجيش التركي لاحتلال شمال سوريا، الخ، الا ان الشخص الذي ينتسب الى ال النبي "ابوبكر البغدادي الحسيني القرشي"، ظهر، بالفعل، قاتل الاكراد في سوريا اولا، ثم دخل الى العراق من جهة الغرب، ودخل الموصل دخول الفاتحين، بما يشبه وقوع المعجزة، حيث فرت من امامه جحافل من الجيوش التي تفوقه عدة وعددا، ثم بدأ بقتال الاكراد.
ولو جردنا المحاضرة من كل التهومات الجانبية، فاننا لا نستطيع ان نتجاوز الحقيقة التي وقعت بعد عام بالتحديد، وهي ظهور داعش وما قامت به من قتال في الرقة، وقتال الاكراد في منطقة الجزيرة، وبالتحديد حول ما ذكره بـ "الكيان الكردستاني" الجديد الذي عاصمته "القامشلي"، بنفس التفاصيل التي قدمها عن مشوار الامام المهدي القتالي في هذه المنطقة!
فما سر هذه النبوءة التي صدقت فعلا، في اكثر تفاصيلها؟ بالتاكيد لا يمكن حشرها مع مجموعة تخاريف رجال الدين، فقد كان الرجل يتكلم بثقة وخصوصيات يحاول من خلالها ان يتوخى الدقة في المناطق الجغرافية، اسماءها، مواقعها، ويشير الى الخارطة، ويحدد عليها مواقع المعارك التي جاءت مطابقة للحقيقة، وهذه ليست عادة رجال الدين الذين يخشون الخوض في التفاصيل من اجل استيعاب اكبر عدد من التفاسير اللاحقة.
للاجابة هنالك احتمالان يتواردان للذهن. الاول هو ان نصدق هذا الجزء من نظرية الشيخ الصغير وعليه فاننا ملزمون ان نقتنع بان الامام المهدي المنتظر هو نفسه ابوبكر البغدادي الحسيني القرشي، كما يطلق على نفسه، الذي ظهر حسب مواصفات الصغير بجبة ال البيت الكاملة السواد، وادار الحروب في الاماكن التي ذكرها الشيخ الصغير، وبنفس تتابع المناطق التي سلكها.
او الاحتمال الثاني هو تفسير محاضرة الشيخ هذه على انها رسالة من الجهات التي خططت لظهور داعش لاحقا، تهدف الى تهيئة الرأي العام في المنطقة لاجواء هذه الحرب التي اريد لها ان تكون مذهبية، تشبه تلك التسريبات التي كانت الادارة الامريكية تضعها على افواه السياسيين العراقيين بعد سقوط النظام السابق عام 2003، والتي اشتهر بها انذاك السيد موفق الربيعي، والى حد ما احمد الجلبي.
ولو صدق الاحتمال الثاني، وهو المنطقي، فانا ارى في محاضرة الشيخ الصغير ثمة ضوء يسلط على زاوية معتمة من لغز داعش الذي حير المحللين من حوله. فظهورها المفاجئ، بامكانات تفوق امكانية سوريا والعراق العسكرية، واموالها الطائلة، وتسليحها الحديث، وامكاناتها في نقل العديد من المجندين من مختلف بقاع العالم الاسلامي، وتهيئة المراكز التدريبية، ثم انسحاب الجيوش من امامها بدون اطلاق نار، كل هذه المعطيات الغريبة، لابد وان تكون "داعش" مشروعا عملاقا خططت له جهة ما تمتلك كل هذه الامكانات المادية والعسكرية والدبلوماسية، هي التي كونتها، وهي التي هيأت الرأي العام لاستقبالها بهذا الشكل المريب، ليس على لسان موفق الربيعي، وانما جلال الدين الصغير.
وانا اعتقد ان السيد جلال الدين الصغير يمتلك الاجابة عن كل هذه التساؤلات، أو على الاقل السؤال الاهم، وهو هل ان ابو بكر البغدادي الحسيني القرشي هو ما كان يعبر عنه في تلك المحاضرة باسم المهدي المنتظر؟ ام كانت تخاريف روتين يومي؟
مقالات اخرى للكاتب