بعد الغزو الاميركي الاخير لافعانستان والعراق وما ظهرت فى الأونة لأخيرة من توترات واضطرابات وصراعات خطيرة على المشهد السياسي والاجتماعي وما انتجتها من تداعيات واضطرابات وانقلابات في منطقة الشرق الاوسط شهدت المنطقة ظاهرة خطيرة من ظهور الجماعات المتطرفة التى تستخدم الدين ستارا لأفكارها وأهدافها وانتشرت فى كافة أرجاء المعمورة والتي ارتبطت بشكل وبأخر ببعضها البعض سواء فى الفكر أو ألأسلوب او الهدف أو أنها يمكن أن تشكل كيان واحد وروح واحدة وبعضهم يستغل الابرياء والجهلاء و يغسلون ادمغتهم فيتبعونهم على العماء . ولاننسى ايضا أنه يوجد حروب حدثت على مدار التاريخ وسببها وستارها هو الدين مثل الحروب الصليبية التى حدثت ضد الإسلام والعالم الإسلامى ، وكذلك حرب التتر، وأعتقد أن إسرائيل ماهى إلا أمتداد لهذه الحروب وهدفها أيضا ديني كما انها دوله قائمه على الدين و من قبل جماعات ذات أفكار متطرفة أسست لهذه العداوات والعنف الدينى . وماحدث من حروب دينية فى لبنان وتشاد والنيجر وغيرها من الدول . ولاننسى وسط ذلك تنظيم القاعدة والدورالذى لعبته فى نشرالعنف الدينى بكافة صوره .
التطرف الدينى هو مرادف العنف الدينى فى الحقيقة وقد أصبحت ظاهرة عالمية تستحق الوقوف أمامها وتحليلها ووضع الحلول لوقفها والقضاء عليها . وبداية يجب أن نعترف أن وراء العنف الدينى جماعات دينية متطرفة أو دول أصحاب مصالح تختفى وراء هذه الجماعات تعيش فى حالة من العداوة مع المجتمعات الدينية مستخدمة الدين عباءة تختفى ورائه . وأكثر مناطق العنف الدينى والتطرف فى العالم فى منطقة الشرق الأوسط ودول شرق آسيا وبصفة خاصة الدول العربية وشمال افريقيا وخاصة مصر ولبنان وليبيا والعراق وسوريا واليمن وكذلك الهند والصين وأندونسيا وبورما وباكستان والبوسنة والهرسك ولم يسثتنى أى ديانة سماوية من هذا العنف الدينى فشمل المسلمين والمسيحيون واليهود وخاصة خلال السنوات الأخيرة لعب فيه الفكر المتطرف دورا بارزا في احداث اعمال العنف وخصوصا ما يلعبه رجل الدين في هذه الدوامة والظاهرة التي تعد اخطر ظاهرة تاريخية تدميرية للمجتمعات اذ يعد من أهم تلك العوامل المؤثرة في تهدئة الصراعات او تأجيجها وفق المنظومة الفكرية او نوع الخطاب الذي ينتهجه ايديولوجيا
فقد لعب رجل الدين على مر مراحل التأريخ دورا بارزا في السيطرة على الحياة الدينية لدى افراد المجتمعات والجماعات واعتبره الناس الموجه الديني في تنظيم الحياة والشؤون الدينية للبشرية جمعاء لما كان يحتله من مكانة دينية مرموقة كانت ولا تزال تلعب الدور الابرز في الكثير من البلدان والمجتمعات وخصوصا المجتمعات والبلدان الاسلامية . لما اولته الشرائع الاسلامية من اهمية وما افرزه المجتمع الاسلامي من ولاءات لرجال الدين حسب توجهات الناس ومعتقداتهم وتنوع واختلاف مذاهبهم .والذي بنظر لهم افراد المجتمع الاسلامي من نظرة العلم والفلسفة والعاطفة الدينية بأنهم النخب المتعلمة والمثقفة دينيا لتعليم الحيز الذي هو فية تعاليم الدين الحنيف والحقوق والواجبات التي لابد من القيام بها والعمل على تنمية الوعي الديني لدى أفراد المحيط الذي يعمل فيه وجعلهم ملتزمين بالاضافة الى اعتبارهم مراجع الامة في الارشاد والتوجيه والتثقيف والافتاء ) وأن الجهد المبذول من قبل رجل الدين يراد منه أ لقبول ورضا الله وبهذا فان العمل الذي يقوم به عملا أخرويا الأجر فيه معنوي مرتبط بالله جل وعلى من حيث قيمة الأعمال والحسنات التي يحملها الفرد ليوم الدين ، ومن هنا لابد أن يحدد من هو رجل الدين وماهية المواصفات التي لابد وان تتوفر فية وما مطلوب منه في ظل التحديات الراهنة من ازمة التطرف والارهاب ؟
فالمفهوم العام إن الإنسان الذي يتفقه بعلوم الدين ( فقه ، عقيدة ، شريعة ) وبما يمكنه من القدرة على بيان الرأي الصائب والموافق للنص القرآني والسنة النبوية . وكذلك الامر ينطبق على رجالات الدين في الاديان والطوائف الاخرى .فهل يمكن من توافرت لديه الثقافة الدينية أن يطلق عليه مصطلح رجل دين؟ أو متفقة دينيا وهناك مدارس لتخريج مثل هؤلاء الرجال الثقات الصالحين وفق الأحكام التي خرج بها الإمام جعفر الصادق علية السلام وا لعلماء والفقهاء في الحقب الزمنية المنصرمة ؟ إن كانت أحكامهم مبنية على الاجتهاد كالإمام ا لشافعي أو الإمام ابن حنبل أو الإمام مالك وغيرهم من ا لصالحين من مراجع وثقاة الامة ؟وواقعنا الذي نعيشه بآلامه وعذاباته وحرمانه هل يتوافق مع ما ذهبنا إليه في هذا الوصف البسيط كون الحالة التي يعيشها العراق أرضا" وشعبا منذ لحظة وقوع الغزو والاحتلال كان من أدواتها ا لفاعلة رجال معممون أو قادة في أ حزاب دينية ، ومن أولى الصفات التي يجب أن تتوفر في رجل الدين مهما يكن المذهب المتفقه فيه أوالطائفة التي ينتسب إليها هي أن يكون إنساننا موحدا" لا مفرقا وللجميع وليس لفئة انطلاقا من القيم السامية التي جاء بها الإسلام وناد بها الرسول العربي الأعظم صلى الله عليه وأله وسلم ، وأن يكون ورعا زاهدا" بالدنيا الفانية وملذاتها وغرورها ومنافعها وهذه في القياس الإيماني تعد من أهم المفسدات عندما لا يكون هناك الإيمان الواعي واليقين والزهد ، ويسبق هذا كله خشية الله الواحد الأحد وا لخوف منه لأنه الرقيب الذي يطلع على خائنة الأنفس ..وهو القائل واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا. فعلى رجل الدين واجب وشرط توجيه الناس بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر والابتعاد كليا عن كل الممارسات والخطابات المشحونة بالكراهية والتحريض فكرا وممارسة
فهل هذه الاشتراطات متوافرة في رجال الدين والمعممين الذين يصولون ويجولون في الساحة السياسية وخارجها وحتى معارضيها ومن يدعي كونه داعية إسلامي ؟ فمن حيث إن الواقع الذي هم فيه لا ينطبق على الكثير منهم وهنا دخلوا في إشكال شرعي كبير جدا وهوا لكذب السائد حاليا لان الواقع الملموس يؤكد ذلك من خلال جملة الأفعال التي ألحقت الأذى بالعراقيين من خلال ما طرحته وما انتجته تلك الممارسات والخطابات من تعميق الفجوات والخلافات على المشهد السياسي والمشهد العام للحياة الاجتماعية ان كان قتلا أو تهجيرا أو سلب مقتنياتهم أو مصادرة أملاكهم بالطرق التي تفنن بها هؤلاء وعصاباتهم ، والسؤال الذي يطرح إن كان هناك جور على المؤمن بمن يحتمي ؟ بنصارى يهود ؟ وبالمفخخات والغرف المظلمة والقتل والاختطاف ؟ أم بالرجوع لله القوي العزيز ولم الشمل والتصافي التحاور الذي يعترف بالطرف الاخر وضرورة إعطائه الفرصة كي يمارس حقه في البناء .. والحياة المشتركة وفق القواسم الوطنية والمشتركات الاخرى وفق متطلبات الموقف الوطني الذي يتحتم على الجميع التوافق والتلاحم وفق الرؤية والمنهج الديني الحقيقي وتفويت الفرصة ضد دعاة التطرف والتقسيم والفرقة
ان الأفعال اليومية والممارسات الخاطئة والخطابات المدسوسة بافكار التطرف والكراهية التي ساهمت في تغذية التطرف كانت من العوامل الرئيسية التي ساهمت في ديمومة الصراع وتوجيه عصابات التطرف وهي التي تبين ذلك وتؤكده من هم الموجهون لفرق الموت والعصابات والاغتيالات ؟ ومن أيقض الفتنة ؟ ومن يعمل بها في الفضائيات ومن على المنابر والمجالس ؟ ومن روج للكتب المسمومة لتغزو الشارع العراقي على وجه الخصوص والعربي الاسلامي عموما. كي تثير الضغائن والاحقاد واثارة الكراهية .ونشر القيم والمفاهيم الفاسدة المضللة للناس
إن الأمثلة والأسئلة التي طرحت لتدلل بالمباشر بان من يدعون أنهم رجال دين هم رجال سياسة واحزاب وتنظيمات لها اجندات خارجية وداخلية والدين والسياسة احدهما يفسد الأخرللتناقض الحاد فيما بين الغايات والأهداف وما أفرزته مسيرة ما يسمى بالعملية السياسية إن كان تزويرا أو ادعاءات كاذبة من اجل إغواء ا لبسطاء وا لحصول على أصواتهم ونهب للخيرات والمال العام وتردى مفرط بالخدمات وهذه أمور دنيوية لا صلة لها بالدين بل تتعارض كليا مع جوهرا لدين لأنها بنيت على المفسدة والضلالة
وكلما اقتربت السياسة ومبادئها واهدافها الرخيصة التي بنيت على مكاسب دنيونية وسلطوية ومصلحية من الدين المتمثل بالقيم السامية والاخلاقية ذات البعد الاخروي واختلطت بينها المفاهيم وتضاربت القيم واستخدمت لاجل منافع وغايات السياسة الرخيصة. نجد الجرائم والدسائس والمكائد والمؤامرات تحاك فى الظلام وتنتشر ادوات الحروب وتتسع دائرة الصراعات .
ان الخطاب الديني المعتمد من قبل بعض رجالات الدين ذات النزعة المتطرفة .يعد اهم عوامل التشجيع على لغة الكراهية والعنف هو أخطر أنواع العنف على الإطلاق لأن نتائجه تدمير المجتمع بخلق صراع دائم بين أبناءه على أساس دينى وإغراق الجميع فى حمام من الدم وهذا لايقتصر على الصراع بين مسلمين فيما بينهم أو مسلمين ومسيحيين أو مسيحين و يهود أو يهود ومسلمين او ملحدين و وثنيين او لا دينيين بل يشمل أديان أخرى عديدة ولايقتصر على مجتمعنا العربى فقط أو الدول الإسلامية بل يوجد فى العالم من مشرقه إلى مغربه ومن شماله إلى جنوبه والعنف الدينى اخطر مافيه أنه ساحة خصبة للإرهاب يحقق من خلالها مآربه وأهدافه .
فهو السبيل والمتنفس للتعبيرعن احتقان مجتمعى بين أفراد المجتمع الواحد على اساس دياناته بكافة السبل من تحريض وزرع بذور الفتنة واستغلال الظروف السياسية والإقتصادية والإجتماعية لفناء المجتمع.
مقالات اخرى للكاتب