يأتينا ضيف جديد مع بداية كل عام دراسي، ونستقبله بالفرح والبهجة، فهو صديق لا يملنا ويعطينا كل شيء مفيد، وكلماته تحرك فينا الإبداع بكل مفاصله، هذه هي نظرة طلابنا له، فيفرح الوالدان لأن ولدهم إستلم كتباً مع بدء السنة الدراسية، وأعتقد أن العام الحالي مختلف جداً، فعلى المعلم أن يٌعلم الطلاب معنى الصمت، فلا كتب، ولا دفاتر، ولا قرطاسيه، وإن حضرت فالقليل منها، وكأن التقشف وصل حتى للعلم.
غياب الرقابة، والسرقة المتعمدة، والإهمال المقصود، هي أسباب رئيسية وراء عدم طبع الكتب، أما الوزير والوكيلان، والمدراء العامون، ليس لديهم أي وسيلة لإنقاذ عمليتنا التربوية، لأنهم سبب البلاء فالمنصب هو غنيمة، يحافظون عليها بالمال السحت والرشاوى، ولهذا باتت العملية التربوية غير تربوية مطلقاً بفضلهم، وإلا كيف يبدأ العام الدراسي، والطالب لا يملك حتى نصف الكتب، التي من المفترض أن يدرسها في مرحلته، أين هو التخطيط والتنظيم والإستعداد؟!
المشكلة الثانية تجد المشرف التربوي،(الصديق الناقد كما يدعون تسميته)، يحاسب إدارة المدرسة والمعلمين، على خطة سنوية أو يومية، إذا ما علمنا أن بعض الكتب تغير منهجها، ولا يستطيع المعلم الحصول عليها إلا بشق الأنفس، ومنذ متى يفهم الطالب ويحفظ دروسه، وفق ما يكتبه بخط يده في الدفتر؟ ألا يفترض وجود كتاب منهجي مطبوع، يتم توزيعه على التلاميذ، ليدرس به ويصبح دستوره الأول.
لقد هزُلت وزارتنا، وهُزل معها الجيل الذي يتم تخريجه بهذه الطريقة المخزية، إنه إهمال مقصود من وزارة التربية، التي تقضي ربيعها الأسود بحجج واهية، وهي في الحقيقة تتحمل المسؤولية كاملة، على هذا التقصير المتعمد، لتدمير المستوى التعليمي والتربوي، بل وحتى الإجتماعي والإقتصادي، لأن أولياء الأمور ليسوا بمستوى واحد، وجميعهم مترفون، حتى يوفروا لأبنائهم الكتب، والملازم، واللوازم المدرسية، ونخص بالذكر أن وزارتنا الموقرة، وزعت هذا العام لجميع المراحل الدراسية، دفترين فقط مع دفتر إنكليزي واحد، للصف الخامس الإبتدائي.
ختاماً: التشويش والتضليل، الذي يصدر من أروقة وزارة التربية متعمد، للتغطية على الصفقات المشبوهة، والإهمال المتعمد لصالح أصحاب النفوذ والريادة، في إبرام عقود طباعة الكتب المنهجية، لأن العراقيين ليسوا ممَنْ يفقدون الرؤية عندما يعلو الغبار، وحقيقة الأمر الأوّلى بمجلس النواب، إستجواب وزير التربية وأزلامه، لأن وزارة التربية بحاجة الى تربية، بدلاً من مسرحيات الإقالة غير المناسبة بالمرة، لوزيري الدفاع، والداخلية، والمالية، مع وضع كوضع العراق، وهو يخوض معركة فاصلة ضد الإرهاب، ويواجه تحديات خطيرة، ألسنا على حق في ذلك؟!
مقالات اخرى للكاتب