رغم قساوة صدام ودمويته إلا إن الرشوة لم تغب عن معاونيه وموظفي دولته الهشة التي يتغنى بها البعض الآن ويصورها على إنها واحدة من أهم الدول العظيمة وطبعا كل من يلمع دولة صدام ينطلق من إيمانه المطلق بفكر البعث وحبه للديكاتورية والقتل الذي كانت تمارسه تلك الدولة المزعومة
رفاق صدام كانوا يبتزون المواطن ويحاربونه برزقه عن طريق الأتاوات وكل من لايدفع الأتاوة الى الفرقة الحزبية يصبح خائنا وعميلا لإسرائيل وأسلوب الأتاوة في السابق كان مشابها لأتاوات داعش الحالية لأن البعث وداعش ينطلقان من نفس الفكر الإرهابي القائم على إيذاء المواطن ومحاربته وقتله
جيش صدام كان فضائيا أكثر من جيشنا الحالي وبإمكاني أن أقدم العشرات من الجنود الذين يقدمون شهاداتهم أمام الجميع على كيفية تعاطي أمراء الأفواج والفرق للرشوة وكيف كان الجيش يمخره الفساد
أما بقية دوائر الدولة فكانت هي الأخرى تستجدي الرشوة من المواطنين إبتداء من المدارس مرورا بالداخلية وإنتهاء بأبسط دائرة من دوائر الدولة
أما أعضاء الفروع الحزبية فهم فاسدون بإمتياز فكانت بيوتهم عبارة عن حفلات ماجنة وإستهتار بصورة مباشرة من دون أية محاسبة فهم كانوا في عهدهم لايستوحون ولا يخافون فهم يعملون بما يريدون ويأخذون الرشوة من المواطنين سواء عملوا ضد الدولة أو لم يعملوا سواء أرتكبوا جرما أو لم يعملوا
الرشوة في عهد صدام كانت تؤخذ بطريقة الإرتكاب على المواطنين ؛ فالبعثيون يلفقون للمواطن إتهامات كاذبة ويطلبون منه تقديم الرشوة من أجل إلغاء تلك الملفات بحقة ويضطر المواطن الى إعطاء كل مالديه من أجل أن يبقى على قيد الحياة وهو يعرف ان عدم دفع الرشوة للبعثيين سوف تعني نهايته من الوجود ويغادر الحياة تحت قساوة حبل المشنقة لالشيء سوى انه لم يدفع الرشوة لدولة قائمة على تخويف المواطن وتهديده بالاعدام
خلاص القول ان حكومة صدام كانت مرتشية بإمتياز ولم تكن نزيهة كما يصورها دعاة البعث
في فترة الأشهر الأولى للسقوط إختفت الرشوة تماما من دوائر الدولة وأصبحت غائبة من ذهنية الموظف والمواطن بسبب عدة أمور منها ان العراقيين جميعا كانوا يعتقدون أن البلد سوف يشهد تغييرا لكل ما كان يمارس في عهد صدام وان البلد سوف يسوده القانون الصارم وإن الإسلاميين سوف يشكلون حكومة أشبه بالحكومة الفاضلة الخالية من الأخطاء وكذلك شعور الموظف إن راتبه أصبح مجزيا ولاداعي لأخذ الرشوة من المواطنين
لكن هذا الأمر لم يستمر طويلا بل ان الرشوة عادت الى وضعها الطبيعي وربما إزدادت بشكل كبير بسبب حالات فساد كبيرة مارسها قادة كبار في العملية السياسية المشكلة حديثا في العراق الجديد إبتداء من بعض الوزراء مرورا بعبدالفلاح السوداني ولازال الأمر مفتوحا ولم ينته الى يومنا هذا
الا أن المراقب لمستوى الرشوة يرى أن الرشوة إرذادت بشكل كبير في ظل حكومة المالكي الثانية والسبب هو ان المالكي أراد أن يشتري ذمم الناس وولائهم المطلق له ولايتم ذلك إلا عن طريق تركهم يتورطون بالفساد والرشوة والمال الحرام
ان المالكي لم يكن مغفلا كما يصوره البعض بحيث لم يعرف بما وصلت اليه الرشوة في دوائر الدولة بل كان يعرف ذلك جيدا بدليل إن المفسدين والمرتشين لم يتزحزحوا من مناصبهم رغم الشكاوى الكثيرة التي ترده عنهم الا أنه يعرف أن أفضل طريق للوصل الى غاياته السلطوية لايتم الاعن طريق دعاة الفساد والرشوة وهو يدرك أن دعاة النزاهة يشكلون العقبة الأساسية بوجه ولادة ديكاتورية جديدة
أما عصر السيد العبادي الحديث فأن الرشوة البسيطة لازالت مستمرة في دوائر الدولة لكني أعتقد أن الرشوة الكبيرة توقفت الآن وهي بإنتظار وضوح الصورة وما أن تتضح الصورة فان الرشوة ستجد الطريق المناسب لكيفية التعاطي بها .
مقالات اخرى للكاتب