الأزمة الأمنية بالعراق هي نتاج لمشكلة سياسيه تراكمت مع مر الزمن تم تاجيل النظر بها او ترحيلها الى وقت اخر اوتجاهلها اواتباع اصحاب القرار سياسة التسويف والتأجيل والإرجاء ورفض التنبؤ بما تحتمل أن يؤول إليه الحال وضعف السيطرة على الظاهرة أو المعضلة وبالتالي العجزعن( توصيف المشكلة) ومن ثمة التخبط في ردود الأفعال بين الفئات السياسيه الحاكمه رغبة في تخفيف الاحتقان ، ولكن عندما يستفحل فيها الحدث الأمني وتتصاعد فيها الأعمال المكونة لها إلى مستوى التأزم الذي تتشابك فيه الأمور ويتعقد فيه الوضع إلى الحد الذي يتطلب معه ضرورة تكاتف جهود العديد من الجهات السياسيه والامنيه وغيرها لمواجهتها بحكمة وقدرة على احتواء ما يترتب عليه من أضرار والحيلولة دون استفحالها ، اما اذا استفحلت فهذا يعني وصول الأزمة لمرحلة متقدمه بحيث تتجسد مظاهر تلك الحالة في انفراط عقد المجتمع، ووصول حالة الفوضى الأمنية فيه إلى الحد الذي يوضح وجود إفلاس (لدى الفئات السياسيه الحاكمه) في مواجهة تداعياتها بشكل يجعل لبعض (الجماعات أو التنظيمات سلطة أمنية ) تفرض سيطرتها على بعض المناطق بكل ما فيها من موارد وأفراد وكما حصل في العراق في عام2006 وما تلاها ،وايضا بالازمه الاخيره في الحويجه.
من اخطر النتائج التي تخلفها الازمات الامنيه الحاده التي ينجم عنها (التصدع الاجتماعي) وضخامة اثارها السلبية لتلك التبعات التي تلحقها وذلك بسبب مساسها بالعديد من المصالح الاساسيه للمجتمع وذلك بما تمتلكه من قدرة علي( تفتيت اللحمه الداخلية) وتحطيم الوحدة الوطنية القائم عليها وقد تتجاوز النتائج والتبعات والآثار مجال العمل الأمني الذي أفرزته الأحداث لتمتد علي مساحة اعم واكبر واشمل في وفي كافة المستويات، وفي جميع الاتجاهات.
وبتشخيص سريع لاحدى اهم اسباب الازمات الامنيه بالعراق بان بعض فئات من المجتمع تتعرض دائما وبشكل متواصل لعمليات القمع الأمني من قبل(الجيش الذي لايجيد التعامل مع المواطن) قد يجد في الصدامات مع الآخرين منفذا وسيلة للتصريف والتفريغ الانفعالي، مما يؤدي لتفاقم الوضع سوءاً على المستوى الأمني الواقعي وعلى المستوى الأمني الفردي، فينشأ نوعاً من التصدع المجتمعي، وجعل التصدع هو عنوان المرحلة، لذا اوجب على السياسي العمل لرأب هذا التصدع، باتخاذ إجراءات محسوسة من خلال ترسيخ الحوارللتوصل لحلول واقعيه، وإشراك المواطن في العملية الأمنية، بحيث يعاد بناء المجتمع ليس على اساس (المحسوبيات والعلاقات الفئويه والشخصية النفعيه) كما هو الحال بموسساتنا ، ويقود أحيانا الوضع اللامستقر وغير الأمن الذي يتعرض له المجتمع من حالات عصاب وخوف جراء التردي الامني إلى حالة من القلق الشديد، الذي قد لا يعرف له سبب ، وأحيانا تحميل هذه المواقف لما لا تحتمل وبهذا يكون القلق يمثل عصب الحياة النفسية، اما الاثار الناجمه على رجل الأمن الذي يصاب بنزيف نفسي داخلي متواصل يؤدي به لفقد كم كبير من طاقته النفسية التي تقوده إلى حالة من التعب والإرهاق الشديد، يشبه ما يصاب به الجندي بعد خوض معركة قاسية.
ان رفض السياسيين التعاطي بشجاعة وشفافية مع المشكلات القائمة وما أكثرها، يؤدي ذلك إلى المزيد من الغضب والكراهيه وبالتالي الى التمرد والعصيان واخيرا للاقتتال، وهذا مظهر بارز من مظاهر( ثقافة التسويف وثقافة خلي يوولون وثقافة طز بيهم) التي اعتمدها أغلب القائمين على الأمور في العديد من المجالات، وهذا ما وقع في التعاطي مع الفضاءات التي ظلت تنتج وتعيد إنتاج الكراهيه والتطرف وتفريخ الانتحاريين.