يوم جديد لا يختلف في اي شئ عن الأيام التي سبقته في توالي احداث مسلسل الاستهداف اليومي للمواطنين الابرياء بالسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والاسلحة الكاتمة ليضيف هذا الاستهداف عشرات الشهداء ومئات الجرحى وزيادة في جيوش الارامل والايتام الى مشهد العراق المحزن والمروع دون بارقة لامل من ان ما فات لن يتكرر بل ان ما فات ربما سيكون افضل من القادم وهذا الاحساس بالعجز والضياع يمثل اخر مراحل الانكسار والالم وهو عرف لا يوجد في اي بلد باستثناء العراق طالما بقي الوضع الأمني يعتمد على حسن الظن والرجم بالغيب وافتعال طوابير وقوف السيارات ولا شيء أخر غيرها..
وقد يكون أسوء الحلقات التي أضيفت إلى حلقات الماسي المتكررة في الملف الأمني هو حلقة التهاون والاستهتار مع ما يحدث من استباحة للدم العراقي من قبل الأجهزة الأمنية وتحديدا جهاز الاستخبارات بما يصل إليهم من معلومات تشير الى وجود تهديدات حقيقية وخطر بتفجيرات إرهابية يومي الاثنين والثلاثاء في بغداد وفي عدد من المحافظات وللأسف فان هذه المعلومات لم يتم أخذها على محمل الجد من قبل قادة الأجهزة الأمنية اما تواطئا او عجزا او لا ابالية وحدوث مثل هذا التهاون من قبل الجهات المعنية بالكشف والرصد واستباق الحدث يعني ان حياة المواطن لا تعادل شيئا وتعني ان جهاز الاستخبارات جهاز دموي ومساهم مساهمة مباشرة باستباحة ارواح العراقيين لانه لم يقم بما هو واجب وحق عليه.
السوط الأكثر إيلاما هو ان مسلسل القتل اليومي سواء من خلال الاحزمة الناسفة او العبوات او المفخخات او الاسلحة الكاتمة في تزايد مستمر ولا يبدوا في الافق اي بوادر لوقف هذا التداعي المستمر وكأن ما يحدث في بغداد وفي المحافظات يحدث في جزر غير مأهولة ولا تنتمي الى الكرة الارضية وان الحكومة والقادة الامنيين غير معنين بما يحدث وهذا من المحزنات لان شعور المواطن بالخذلان من قبل حكومته يمثل اخر حلقات الحزن والياس وان كان المواطن يتحمل المسؤولية الاكبر في الحفاظ على حياته واهميته وهذه الاهمية هو من يقدرها ولا تقدرها الحكومة او القادة الامنيين وتتمثل في الدفاع عن حقوقه وانتزاعها بالحق والقوة لو تطلب الامر اما ان يخنع ويقبل بكل شيء فليس عليه الا ان ينتظر ما هو اسوء مما يحدث الان.
ومن الغرائب والعجائب التي ينفرد فيها العراق هو خلوه من القادة الامنيين في وقت يعيش البلد حربا حقيقية حيث القتل والتفجير والتفخيخ علامة مميزة وحيث الخوف والرعب وسيطرة اجواء الموت ورائحة الدم المشبع بالحقد والطائفية لان هؤلاء القادة يقضون اياما معتدلة وباردة في عاصمة الثلوج موسكو ليس من اجل حل القضايا الأمنية اوشراء الاسلحة الضرورية بل من اجل المشاركة في المنتدى الدولي لصناعة الغاز ولايمكن تفسير علاقة قادة الاجهزة الامنية بانتاج الغاز او تصديره،ولو ان معشار ما يحدث في العراق يحدث في اي دولة من دول العالم لقطع القائد العام للقوات المسلحة سفرته وكر عائدا الى بلاده لمواساة اهالي القتلى ولمعرفة اسباب الاخفاق ووضع الحلول الحقيقية اما في العراق فان مقتل (15) شخص في بغداد وحدها امر لا يدعو للحزن لان الرقم قليل بالقياس الى اعداد القتلى والتي تسقط يوميا حتى وان اختلفت الأساليب.
مقالات اخرى للكاتب