لا اعرف لماذا تذكرت في لحظة خاطفة كلمات المفكر الراحل هادي العلوي وانا اشاهد احدى القنوات الفضائية تعرض جلسة البرلمان الأولى في 01 يوليو 2014 ، وسط فوضى دستورية عارمة وتراشق كلامي حاد بين الكتل السياسية العراقية ,و في ظل التدهور الأمني الكبير في البلاد وسيطرة المسلحين المتطرفين على مساحات واسعة من العراق .
حيث وصف الكاتب والمفكر الكبير هادي العلوي مجزرة حلبجة بالنكراء وكتب : ليس من المعقول ابداً وليس من المنطقي ابداً ان يستمر هذا النهر من الدم في الجريان دون ان يسعى احدٌ لتسكيره . أي عشق للقتل يتلبس هذا الرجل ، الذي لم يعد قادراً على العيش خارج هذا النهر؟حتى كأن السلطة لم يبق لها معنى سوى تحرير مراسيم الموت بلا حدود وبلا سبب وبلا هدف . هذه القرى الوديعة ، البسيطة ، المتصوفة في زوايا جبال ٍ طالما فاضت على العراقي باللبن والعسل واستقبلته بنداء كاكه ، الذي يعني عند الاكراد انك آمن على نفسك ومالك وكرامتك الشخصية . فالكردي العادي هو مثل سفوحه الخضراء ، لا يصدر عنه الا الطيب ، حتى لصوصهم وقطاع الطرق منهم يملكون من القيم الاخلاقية ، ما لا تملكه اكثر الجيوش تحضراً .
ايها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة على فراشه او في ساحة لعبه هذه برائة من دمك.. اقدمها لك باستحياء ، ينتابني شعور بالخجل منك ، ويجللني شعور بالعار امام الناس، اني احمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك وليت الناس اراحوني منها ،
حتى يوفروا لي برائة حقيقية من دمك العزيز ، انا المفجوع بك ، الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل في زمن حكم الذئاب البشرية ، لم نعد نملك فيه الا البكاء ..اقبلها مني ايها المغدور ، فهي برائتي اليك من هويتي ) .
نعم .... لو كان هادي العلوي بيننا اليوم حياً يرزق ماذا كان عساه أن يقول عن تلك النخب السياسية العراقية الذين صار كل فريق يشهر بالآخر ويسرد له قوائم طويلة من الاتهامات والشتائم .... ؟ ماذا كان يقول عن النواب الذين بعد ان غادروا قاعة الجلسة الافتتاحية تجمعوا اَمام مكتب الادارة لتسجيل اسمائهم وضمان امتيازاتهم النيابية …و تجمهروا في صفوف مكتظة امام المكتب لتَسلـُم اوراقهـم الرسمية قبيل بدء تسلم مستحقاتهم كنواب جُدد ، والتي تَشمَلُ رواتب واسلحةً وافراد حماية لكل شخص بمعدل ثلاثين حارسا والبلد يحترق وينجرف الى حرب اهلية دموية، يقتل ويصلب ابنائه على يد ارهابيين الذين اقدموا على ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية ضد المدنيين العزل ....؟!
ما هي الغاية من أداء القسم ؟
جاء في النظام الداخلي لمجلس النواب الفصل الأول ,أحكــام عامة , المادة (6) : يؤدي عضو مجلس النواب في الجلسة الأولى اليمين الدستورية بالصيغة الآتية:
بسم الله الرحمن الرحيم
(أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهامي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وان أحافظ على استقلال العراق وسيادته وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وان أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد... والله على ما أقول شهيد)
وعليه نسأل ونقول ...بعد ان أدى اعضاء مجلس النواب الجديد، يوم الثلاثاء، اليمين الدستورية باللغتين العربية والكردية، نسأل ونقول: ما هي الغاية من أداء هذا القسم ، ثم ما مدى تأثير هذا القسم على الذي أقسم في ظل نظام حكومة المحاصصه والطائفية السياسية و الاقصاء والاستبداد والنفاق والخداع والتشهير وتبادل التهم في وطن يقتل أعز أبنائه جيلا بعد جيل , في وطن لم يعد لمستقبله سبيل .. ؟
مقالات اخرى للكاتب