دائما السياسة تسعى الى وضع الانسان في زاوية ضيقة، حيث هي كمفهوم لاواقع له ثابت من جهة، وكما لاواقع له بوجه حسن، فأنها تبتكر وجوهاً بشعة على الدوام وتتنكر لما يعارضها، وتضعه في خانات التخلف والقصور الذهني، ومل كانت السياسة يوما بخطاب يتجه بشكل ثابت نحو نقطة غرضه، بل هي تكون دائما تسخدم اتجاهات عدة لبلوغ الغرض، وكلما ضاقات المساعي والسبل، بحثت عن غيرها، ولا يهم أن كانت من خصوم، وهذا يجعل الانسان الحر غير المسيس عرضة اكثر للألم والقهر الانساني، وللنظر الى المنظومة الاممية الاولى، وهي عصبة الامم، وما خلفته من ماس وهموم، ولم تبلغ ما تطرحه من خطاب رصين، قد عاكسته مرارا، وخضعت لسياسات كبرى ومصالح، لاقبل لها لمعارضتها، وبقيت عصبة الامم تراوح في مكانها، ولم تقد العالم بل قادت الدول الكبرى باتجاه مصالحها، وفقد عصبة الامم بالتالي قيمتها، وذابت روحها الاصيلة، وهذا يعني أن الدول الكبرى ستتعرى، وستكون في مواجهة خصوم مباشرة، وهذا يؤثر كثيرا على مصالحها، بل قد يؤثر بشكل واضح على ارادتها، وطبيعي هنا ستنحرف حتى اقتصاداتها، وتدرجيا ستتعارض تلك الدول، وستكون الواحدة في مواجهة الاخرى، وبالتالي كانت الحرب العالمية الثانية، قد اسهمت بشكل مباشر في انتاج منظمة هيئة امم بعد انهيار عصبة الامم، ولكن ما الهدف وما الغاية التي تسعى اليها، في هذه المرة الدول الكبرى، التي هناك غنائم تتقاسمها على الدوام، وطبيعي ستكون هيئة الامم اوسع مضمونا من عصبة الامم، لكن مالذي سيتغير،و هل ستزاح راية امريكا الخفاقة ؟ .
بعد التغيرات السياسية الكبرى التي تماست مع تاسيس هيئة الامم، وتقابل معسكرين، تقودهما دولتان قويتان وكبيرتان في تاثيرهما السياسي، وبقي القرار في هيئة الامم رهين رغبات الدول الكبرى، ومرت ظروف انسانية مهينة ولم يتغير واقع هيئة الامم، برغم من تحضر خطابها بشكل افضل، وصناعة اعلام لذلك الخطاب –الشهم -، وقد فتحت افاق لذلك الخطاب، تكون كما جدار اسمنتي يقف قبالتك، ويشير التحضر وضد تفوق العامل الانسانين وقدد مهرت طاقات خفية في صناعة مهارة في الجانب الاعلامين وانقادت الامم الضعيفة رغم عنها او بارادتها، لتسير في ظل ذلك الخطاب الاعلامي الماهر، وصارت هيئة الامم مرجع الضعفاء، ومن لايدرون أنهم في رحمة الاقوياء، وهم من يضمنون لساستهم البقاء ، وليس هيئة الامم تقوم بذلك، ولا هي يمكنها اتأثير باي مستوى، خارج رضا وقناعات الدول الكبرى، وترى مالذي سيتغير؟، وراية امريكا خفاقة مؤكدة السيادة الامريكية على العالم.
لقد تغير العالم سياسيا، وسقط قطب وبقي اخر، وتحيد دور هيئة الامم في خدمة ذلك القطب الشرس، والذي لايملك من التحضر لاخطابا ولا واقعا، ولا يعرف الا لغة القوة، بوصفهها لغة العصر، وصار اي موقف دولي تتبناه هيئة الامم، لابد أن يكون برضا واقتناع زعيم ذلك القطب الاحادي وقائده، وصار لامريكا ما لم يصر لها يوما، وربما حققت حلما تمنته على الدوام، زعامة العالم، وأن تكون تلك الزعامة مكلفة، فتبنت الخسارة من اجل الربح، وقادت جيوشا جرارة لحرب العراق، ولم تمس النظام الساسي التي تبنته، بل ضربت روح الدولة بقسوة وجبروت، وعطلت الحيز الاهم في الحياة، ولا ندري ما علاقة الكهرباء بالسياسة الامريكية، وتوالت هراوات القطب تتوالى على عجائز ساسة، لكن هي قتلت شعوبهم دون ادنى رحمة، وما علاقة ما تقوم به امريكا بمضمون خطاب هيئة الامم الحضاري، والى اي مدى يسعى كل منهما، وترى مالذي سيتغير بالتالي .
الغريب فقدت هيئة الامم كسابقتها عصبة الامم اليوم، بعد أن صار العالم بلا ضمير، ولا وجود لادنى منسوب للعامل الانساني فيه، وصارت المافيات تجتهد اكثر في العنف النفسي على وجه الخصوص، وصار للمال قوة تتعدى اهمية القيم الكبرى، فاضعف دول العالم تحتمي بمالها، وهذا ما كان في احتلال الكويت، وكذلك في تغيير موقف هيئة الامم ازاء وضع السعودية في القائمة السوداء، فسرعان ما تخلت هيئة الامم، والتي ربما كانت مشتبهة في ذلك الامر، ولا تملك يقينا فيه، وبالتالي هي قد فقدت معنويا رهانا مهما، على مستوى الواقع تحافظ له عليه امريكا سيدة القطب الأحادي وزعيمته، وأن يبدو من زاوية اخرى هو هدف غير معلن، ربما يقصد احلة هيئة الامم على التفاعد، ولكن مالذي سيتغير؟، حيث أن امريكا تقف زعيمة، وهي التي تقوم بتصنيف الخطابات وتوجهها حيثما شاءت هي لاغيرها.
مقالات اخرى للكاتب